خضر دوملي ** ——–
مدخل عام عن النصب التذكارية :
تعدُّ مشاريع ﺗﺨﻠﻴﺪ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ من الممارسات وﺍﻹﺟﺮﺍءﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ تتم ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺇﺩﺍﻣﺔ ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟذﻛﺮﻯ. ﻭﺗﺸﻤﻞ بناء ﻣﻮﺍﻗﻊ ﻟﺘﺨﻠﻴﺪ ﺍلأﺣﺪﺍﺙ المأساوية وعمليات الإبادة والجرائم الكبرى التي ارتكبت، بتجسيدها من خلال ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ بناء صروح حضارية بمسميات مختلفة التي تتضمن ﺍﻟﻔﻦ ﻟﻠﺬﺍﻛﺮﺓ، وﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺸﻔاهي ﻭﺍﻷﺭﺷﻴﻔﺎﺕ. ﻭﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺗﻬﺪﻑ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺬﻛﺮ وتسليط الأضواء عليها وتعريف العالم بما نتج عنها.
وغالبًا ما تكون النصب التذكارية الأقوى – أي الآثار التي تحرك المشاعر القوية – محاطة بالجدل. تُظهِر النصب التذكارية طرقًا مختلفة اختارها المعماريون والمصممون لتكريم الأبطال ، أو الاستجابة للمآسي ، أو الاحتفال بأحداث مهمة، وهذا ما يبين أهمية وقيمة النصب التذكارية ومشاريع تخليد الذكرى.[1]
ووفقا لتقرير مجلس حقوق الإنسان لسنة 2014 ( عمليات تخليد الذكرى) يتزايد اتجاه الدول الخارجة من حالات نزاعات أو من فترات قمع ودكتاتورية نحو تطبيق سياسات فعالة لتخليد الذكرى بوصفها وسيلة لضمان الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت وإنصافاً لضحايا، والتعويض عن الانتهاكات الجماعية أو الجسيمة لحقوق الإنسان وضمان عدم تكرارها.
وأكدت الجمعية العامة على ذلك بأن عمليات تخليد الذكرى جزء من المسألة الأوسع نطاقاً المتعلقة بالتعويضات، وسلّمت بأن الترضية ينبغي أن تتضمن، كلما أمكن، أياً من الأمور التالية أو كلّها: التحقق من الوقائع والكشف الكامل والعلني عن الحقيقة؛ وإصدار إعلان رسمي أو قرار قضائي يعيد الكرامة والسمعة وحقوق الضحية والأشخاص الذين تربطهم بها صلة وثيقة؛ وتقديم اعتذار علني، بما في ذلك الاعتراف بالوقائع وقبول المسؤولية؛ وإحياء ذكرى الضحايا وتكريمهم.
وثمة مبدأ أساسي هو تجنب الإطراء على جميع الحالات، مما يؤدي إلى إنكار أخطاء الماضي. وتوجد في حالات كثيرة دوائر من الضحايا، ولا يوجد بالضرورة تكافؤ أخلاقي وسياسي بين الأطراف المتنازعة. علاوة على ذلك، لا يمكن للمرء دائماً أن يقحم وجهة نظر الجناة في روايات الضحايا.[2]
يعدُّ التحالف الدولي لمواقع الضمير هو شبكة عالمية من المواقع التاريخية والمتاحف والنصب التذكارية المكرسة لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في جميع أنحاء العالم. إنَّ المهمة الرئيسية لمواقع والنصب التذكارية هي : حفظ الذاكرة – الترويج للحقيقة – السعي إلى العدالة.
وتشير المقررات الدولية إلى أهمية النصب التذكارية بوصفها جزءاً من عمليات الإنصاف والحق في معرفة الحقيقة أو التعريف بالجرائم التي ارتكبت كي لا تتكرر أساليب اللجوء إلى العنف وخلف التشاركية في حفظ الذاكرة. إذ يقول الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش بهذا الخصوص في ذكرى 28 للإبادة الجماعية رواندا – إذ نتذكر الدماء التي سُفكت قبل 28 عاماً؛ فإننا ندرك أن لدينا دائماً حق الاختيار. اختيار الإنسانية بدلاً من الكراهية؛ والتعاطف بدلاً من القسوة؛ والشجاعة بدلاً من التهاون؛ والمصالحة بدلاً من الغضب . تقرير المقررة الخاصة للامم المتحدة فريدة شهيد سبق الاشارة اليه .
تعريف النصب التذكاري :
تشير العديد من المصادر أو تتفق على أن النصب التذكاري ينقل قصة واقعة أو وقائع حصلت. و بسبب هول الصدمة أو فجاعة الحدث أو حجم الضحايا؛ فإنه جاء ليخلد ذكرى هؤلاء؛ ولذلك تم تعريفها بأنها : هي مساحة رمزية مكونة من عدة مكونات. قد تعبر عن خصوصية كل مجتمع أو مكان أو رؤية مفتوحة في الحفاظ على الهوية وخصوصية مجتمع الضحايا، والتعريف بقصص الضحايا وذويهم والقصص التشاركية من المجتمعات الأخرى معهم. المصدر الصويلي سبق الاشارة اليه .
وهناك تعريف آخر يشير بأنه “إبداع نحتي أو معماري نحتي مشاد من أجل التذكير بشخصية أو حدث تاريخي، وغالبا ما يأتي تشخيصيا (تمثال لشخص أو لمجموعة أشخاص) أو على هيئة عمود أو مسلة، على هيئة بناء أو تلة مصطنعة، أو صخرة نحتتها الطبيعة وضعت في مكان مقصود “. وتُجمع الموسوعات تقريباً على أن العمل النصبي هو تذكار، صرح = رمز للذكرى، هو إشارة تذكارية، رمز للتذكير بحدث تاريخي.[3]
وتوضح مقدمات التعريف بالنصب التذكارية في العديد من المواقع التي شيدت عليها النصب أنها – دلالة رمزية تاريخية لتعريف الشعوب بالجرائم التي ارتكبت، ولتنقل القصص والوثائق للأجيال القادمة في سبيل التعلم والعمل على منع تكرار تلك الجرائم وبناء الذاكرة المشتركة.
أنواع النصب التذكارية :
تتنوع طرائق التعبير عن تخليد الذكرى تنوعاً كبيراً. وتشمل النصب التذكارية الرئيسية المواقع الأصلية (مثل معسكرات الاعتقال ومراكز التعذيب والاحتجاز السابقة، ومواقع القتل الجماعي والقبور الجماعية، والآثار التي ترمز للنظم القمعية)؛ والمواقع الرمزية (مثل الآثار المشيدة الدائمة أو المؤقتة التي تحمل أسماء الضحايا، والشوارع أو المباني أو الهياكل الأساسية المعاد تسميتها، والنصب التذكارية الافتراضية على شبكة الإنترنت، ومتاحف التاريخ/تخليد الذكرى)؛ لذلك من المهم أن نعرف، أن تنفيذ مشاريع تخليد الذكرى هي جزء من مسيرة تحقيق العدالة و إنصاف الضحايا، و الاعتراف بالمظلومية و جبر الضرر.[4]
وتتوزع أنواع أخرى من النصب التذكارية تنقل قصص الرجال الشجعان أو تخلد لذاكرة جرائم جماعية، كما هو الحال بنصب الرق وتجارة العبيد في مركز الأمم المتحدة في نيويورك أو للتضامن، كما هو الحال لتمثال الحرية في نيويورك الذي أهدته الحكومة الفرنسية لـ أمريكا، أو نصب تذكارية للشهداء أو الجندي المجهول أو نصب تحفيز وفن ومعمار، كما هو الحال بنصب ساحة الحرية ببغداد، أو تماثيل و نصب تنقل قصص وتراث الشعوب، مثل تمثال مم وزين في دهوك أو الكثير من الشخصيات التي تم تخليدها بتماثيل مثل تماثيل الأم تيريزا التي أفنت حياتها في العمل الطوعي الإنساني في قارة آسيا .
خصائص ومعايير النصب التذكارية :
إن أهمية و الهدف من النصب التذكارية قد لاقت الكثير من الاهتمام الدولي في السنوات الأخيرة. وهذا واضح في الاهتمام السنوي الذي توليه الأمم المتحدة بإحياء ذكرى جرائم الإبادة التي ارتكبت، إذ وضعت العديد من المعايير لإنشائها كما جاء في التقرير الذي تمت الإشارة إليه للمقرر الخاص فريدة شهيد 2014 .
وتوضح دراسة عملية أن الفكرة من النصب التذكارية هي لإحياء الذاكرة وديمومتها بخصوص الجرائم التي ارتكبت، ولتلقي الدروس منها ومن أهوالها حتى تتقبل الشعوب بعدم اللجوء إلى ممارسة العنف، إذ إنَّ (( الفكرة العامة للعمل الفني للتعامل مع النصب التذكاري وكأنه جزء حي من طبيعة المكان بمشاركة المتلقي مع العمل وإدراكـه بسـهولة وخلق حالة شعرية تتعاطف معها وجدان وأحاسيس العامة، على أن تطبـع هذه الحالة ذاتها في نفوس المشاهدين أينما كانوا وتعلو هذه المشاعر كلمـا اقتربوا من العمل وتفاعلوا معه.)). [5]
ومن الوظائف الأساسية للنصب التذكارية إيصال ونقل المعلومات لمن ينشدها، ولأي هدف تم تشييدها. وأن وضوحها هو وظيفتها الرئيسية، فهو يخبرنا أو بالأحرى يقدم لنا المعلومات من خلال بيان رمزية النصب وإبراز رمزية الشكل وما تحويه في داخلها من رموز ومعلومات هادفة تزرع في ذهن المتلقي أفكاراً جديدة عن الحدث الرئيسي الذي تجسده أو يجسدها النصب.
إن أهم وظائف النصب التذكاري تتمثل في إشباع حاجة الإنسان، فهي تحفز على الملاحظة والتفكير والتأمل والحوار الداخلي وحتى التقويم. إنها تنير البصيرة، وتذكرنا بقدرات الإنسان الإبداعية، وهي تذكرنا بالشخصية أو الحدث التاريخي التي ترمز إليه. [6]
وتشجع بعض عمليات تخليد الذكرى تعدد وتنوع الروايات داخل النصب التذكاري نفسه، أو ما يسمى بمتحف التاريخ. فمثلاً، يهدف متحف ميدلين في كولومبيا إلى عرض تاريخ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بغض النظر عن الجماعات التي ينتمي إليها الجناة: عصابات، أو جماعات شبه عسكرية، أو تجار مخدرات، أو قادة وأفراد من الجيش؛لذلك من المهم أن تكون مشاريع تخليد الذكرى ليست ضد أحد، ويجب أن لا تتضمن ما يهدف إلى الانتقام والثأر أو زرع بذور الحقد والكراهية؛ لأنها مشاريع تخليد الذكرى وهي رسالة مفتوحة في البقاء رغم كل محاولات الإبادة والحفاظ على التراث المجتمعي .
وتوفر مشاريع تخليد الذكرى والنصب التذكارية مساحة كافية للاعتراف والاعتذار وزرع بذور الثقة بين المكونات المجتمعية المختلفة المتضررة – ذوي الضحايا والمجتمعات المجاورة – وتوصل مشاريع تخليد الذكرى رسالة في سبيل تحقيق العدالة والتشارك في أحياء الذكرى السنوية للإبادة ومنع حصول الإبادات؛ لأهمية مشاريع تخليد الذكرى وما تتضمنه. وهو ما جاء في الموسوعة البريطانية الحديثة (Encyclopædia Britannica): فالمواد القاسية الطويلة الديمومة، التوازن، المقياس، البساطة، المنطق المعماري للكتلة وبنيتها، الانسجام، الحركة، مثالية الأشكال والقواعد، التذكير بالقيم الروحية والبطولات الإنسانية. كل هذه القيم تؤدي دوراً مهماً في نصبية العمل النحتي.[7]
النصب التذكارية التي تخص جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية – رمزية المكان:
وفقاً للتصنيفات التي على ضوئها تتم إقامة النصب التذكارية؛ فإن إقامتها على المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة أو الحدث الرمزي هي الأكثر شمولية، ولكن قد تقام نصب تذكارية في مناطق أخرى حول الحدث نفسه اعتمادًا على المعايير المقرونة بالمكان، من حيث تلبيتها وظيفةً تذكارية، وامتلاكُهُا معانٍ رمزيةً قويةً، هناك: نُصْب في مكان الحادثة ونصب يمكن إشادتها في أي مكان تعبر عن الحادثة نفسها والتوعية بها.[8]
إذ ورد مفهوم تخليد الذكرى كوسيلة لمكافحة الظلم وتعزيز المصالحة في إعلان ديربان، الصادر عن المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، الذي أكدت فيه الدول أن “تذكر جرائم أو آثام الماضي، أينما ومتى وقعت، وإدانة مآسيه العنصرية إدانة لا لبس فيها، وقول الحقيقة بخصوص التاريخ، هي عناصر أساسية للمصالحة الدولية ولإيجاد مجتمعات تقوم على العدالة والمساواة والتضامن”.[9]
وبهذا الخصوص هناك الكثير من النصب والمتاحف التذكارية التي أقيمت لتخليد ضحايا جريمة الهولوكوست الأشهر في التاريخ الحديث، التي تمت فيها إبادة اليهود بشكل ممنهج من عام 1933 إلى 1945 أثناء الحرب العالمية الثانية في ألمانيا. حيث أقيمت المذابح الأكثر دموية، وأيضا في بولندا وعدد من المدن الأوربية؛ وتخليداً لذكرى هؤلاء الضحايا تمت إقامة العديد من النصب التذكارية في ألمانيا و عدد من البلدان الأوربية، وأيضا في أمريكا وإسرائيل وغيرها من الدول.[10]
ومن الجرائم الأخرى التي لايزال الحديث عنها مستمراً وإقامة النصب التذكارية وإحياء هذه المناسبة هي جريمة إبادة الأرمن في تركيا 1915 – الإبادة الجماعية الأرمنية، تسمى أيضا المحرقة الأرمنية ويطلق عليها الأرمن تسمية ،“Metz Yeghern” والتي تعني الجريمة العظمى – حيث أقيمت العديد من النصب التذكارية كان الأشهر والأكبر منها الذي أقيم في أرمينيا عام 1965 ، والمتحف التكاري عام 1995 ، ومن ثم النصب التكاري الشامل الذي يوثق تلك الجرائم، وفيه العديد من النصب والتماثيل التي تعبر عن الإبادة وتخلد ذكرى الضحايا، الذي يزوره الآلاف سنويا بحسب مجمع الإبادة الجماعية الأرمنية.[11]
ومن النصب التذكارية الشهيرة هو نصب الإبادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا. وهي الواقعة التي وضعت شعار الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا ستظل دوماً ندبة في ضمير الإنسانية – من المهم أن تثير أهوال الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي والتي أقيمت تحت شعار “لن تتكرر أبدًا”. إذ تعد من النصب التاريخية المهمة التي نجحت راوندا في استثمارها بالشكل الصحيح، وأصبحت تشكل حفظاً للذاكرة، والاحتفال بها جزءاً من عملية التنمية التي تشهدها البلاد، وجزءاً من الإنصاف والاعتذار للماضي وتحقيق المصالحة والاستقرار.[12]
وهناك أيضا النصب التذكاري لجريمة الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك على إثر عمليات الإبادة التي ارتكبها الصرب ضد البوسنيين عام 1993 ،وتمت إقامة النصب التذكاري في سريبرينيتشا في مركز بوتوكاري التذكاري . [13]
ومن المشاريع المهمة للنصب التذكارية التي تنقل قصص المآسي الإنسانية هو النصب التذكاري والمخصص لضحايا الاسترقاق الجنسي للجيش الياباني في زمن الحرب، في جبل نام في سيئول، الذي ينقل قصة الاسترقاق الجنسي .وفي النصب التذكاري، تقف ثلاث فتيات – كورية جنوبية وصينية وفلبينية – في دائرة ويمسكن بأيدي بعضهن. وإلى جانبهن، تقف المسنة الراحلة “كيم هاك-سون” وهي تنظر إليهن. و “كيم هاك-سون” هي أول ضحية تحدثت عن تجربتها في 14 أغسطس 1991؛ ولهذا قررت كوريا الجنوبية في العام الماضي تعيين يوم 14 أغسطس كذكرى وطنية لتخليد آلام الضحايا . وهذا يبين أنه رغم مرور كل هذه الفترة الطولية إلا أنه لايزال العمل على النصب التذكاري يحقق الهدف منه ويوثق النصب التذكاري قصة أن نحو 200 ألف امرأة آسيوية، معظمهن كوريات، أرسلن قسرا إلى بيوت لتقديم خدمات جنسية لجنود الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية. [14]
وفي العراق اعتبرت الجرائم التي ارتكبها نظام حزب البعث ضد الشعب الكوردي بأنها جرائم إبادة جماعية، وتم الإقرار بذلك من قبل المحكمة العليا على ضوء القرار رقم (2) لسنة 2008 قرار إعلان الجرائم المرتكبة ضد الشعب الكوردي في العراق جرائم إبادة جماعية (جينوسايد) وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وسبق أن أقيمت مجموعة من النصب التذكارية المهمة بهذا الشأن في حلبجة وأربيل و جمجمال التي تعبر عن تخليد ذكرى ضحايا تلك المجازر . ومن ثم المتحف التكذاري الذي يخلد لمسيرة الراحل ملا مصطفى البارزاني في بارزان التي تعد واحدة من مشاريع تخليد الذكرى وحفظ الذاكرة وتوثيق الحقائق، والتي افتتحت بمراسيم مهيبة في 11 أيار 2023 ، إذ اعتبر افتتاح صرح بارزاني الوطني التذكاري، “متحف البارزاني” حدثاً تاريخياً مهماً. [15]
وهناك العديد من الأمثلة على إقامة النصب التذكارية التي توثق الجرائم التي ارتكبت ضد الشعوب والأقليات في العديد من البلدان كجزء من رد الاعتبار للضحايا ولذويهم ولحفظ الذاكرة وتوثيقها و التشاركية في سرد القصص؛ منعا لتكرار الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان .
الإبادة الجماعية للإيزدية عام 2014 وضرورة الإقرار بإقامة مشروع النصب التذكاري :
تعرض الإيزدية الى عملية قتل جماعي و جرائم خطف وسبي النساء وقتل الأطفال واسلمة النساء والأطفال عنوة. ومجازر القتل الجماعي في كوجو وحردان وصولاغ و كرعزير وكرزرك على يد تنظيم داعش في أغسطس 2014 في سنجار، التي أدت إلى تحرك المجتمع الدولي إلى محاربة تنظيم داعش، الذي سيطر على العديد من المناطق في العراق، وارتكب العديد من جرائم القتل الجماعي والتهجير القسري وجرائم ضد الإنسانية ضد المسيحيين والإيزيدية والشبك والتركمان الشيعة والكاكائية في نينوى، وإلى ممارسة القتل العشوائي لكل من رفض فكرة التنظيم .
في الإحاطة الدورية التي قدمها فريق يونيتاد أمام مجلس الأمن في 10 أيار 2021 – أعلن أن تنظيم داعش ارتكب إبادة جماعية ضد المجتمع الإيزدي، إذ قال المستشار الخاص، كريم خان، في الجلسة الافتراضية أمام مجلس الأمن: “أستطيع أن أعلن أنه بناء على تحقيقات مستقلة ونزيهة، تمتثل للمعايير الدولية وأفضل ممارسات الأمم المتحدة، أن ثمة أدلة واضحة ومقنعة على أن الجرائم ضد الإيزيديين تشكل بوضوح إبادة جماعية. وبشكل أكثر تحديدا، حددنا مرتكبي جرائم محددة يتحملون بوضوح المسؤولية عن جريمة الإبادة الجماعية ضد المجتمع الإيزيدي”. ووقد حدد الفريق 1,444 من الجناة المحتملين، من بينهم 469 شخصاً تم تحديدهم باعتبارهم شاركوا في الهجوم على سنجار، و120 شخصاً شاركوا في الهجوم على قرية كوجو. وقال خان: “تمثل الجرائم المرتكبة ضد المجتمع الإيزيدي بعضاً من أكثر أعمال العنف وحشية وانتشارا التي ارتكبها داعش ضد شعب العراق” – موقع أخبار الأمم المتحدة.[16]
وكانت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق المعنية بسوريا قد أشارت في تقرير لها في حزيران 2016 أن تنظيم داعش ارتكب الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين. إذ أشارت اللجنة في تقريرها (( أن ما يسمّى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ترتكب الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين. وتؤكد اللجنة كذلك أن ممارسات داعش ضد الإيزيديين تصل لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وقال باولو بينيرو رئيس اللجنة “إن الإبادة الجماعية حدثت وما زالت مستمرة. لقد عرّضت داعش كل امرأة وطفل ورجل إيزيديين من الذين اختطفتهم إلى أبشع الانتهاكات”. )).[17]
وعلى هذا الأساس بُذلت جهود لإنشاء نصب تذكاري يمثل إنصاف المجتمع الإيزيدي وكجزء من تحقيق العدالة حيث تقيم منظمة – IOM مع مبادرة نادية بإنشاء نصب للمقبرة الجماعية، وتعمل عليه منذ 2021 في جنوب شرق سنجار في الموقع الذي ارتكبت فيه جريمة قتل جماعي لعشرات النساء الإيزيديات كبيرات السن في منطقة صولاغ . وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن (( تصميم النصب يهدف إلى الحفاظ على ذكرى الإيزيديين في سنجار وتكريمها، وسيكون بمثابة مساحة لإحياء ذكرى المجتمع الإيزيدي الأكبر. )). وقال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق، جيورجي جيغاوري: “عندما يعاني المجتمع لهذا الحد من الصدمة والدمار، يصبح إحياء ذكرى الماضي وإحياء ذكرى الأحباء المفقودين من المكونات الأساسية للجهود المبذولة لدعم الناجين أثناء عودتهم إلى ديارهم من النزوح. هذا ما نسعى إلى القيام به هنا – نصب تذكاري من المجتمع ولأجله، يتوافق أيضًا مع الأحكام المنصوص عليها في قانون الناجيات الإيزيديات، الذي عملت المنظمة الدولية للهجرة ومبادرة نادية على دعمه منذ البداية، والذي نظل ملزمين به مع استمرار منح التعويضات.” و قالت نادية مراد، مؤسسة ومديرة منظمة مبادرة نادية الشريك الأساسي لإقامة النصب : “إن الحزن جزء من عملية الشفاء. فوجود مكان لنحزن جميعاً ونتذكر عوائلنا وأصدقائنا وجيراننا أمر مهم للغاية للناجين، وخاصة أولئك الذين عادوا إلى سنجار.” وأكملت قائلة: “أنه يخدم غرضًا تعليميًا وهو تذكير العالم بما عانى منه مجتمعنا، وكيف يجب أن نستمر في التركيز على منع فظائع كهذه”[18].
وقدم التحالف الدولي لمواقع الضمير في موقعه الرسمي الإشارة إلى أهمية إقامة نصب تذكاري يمثل الإبادة الجماعية للإيزدية؛ لأن الإيزدية عانت أكثر من بقية المكونات في ظل تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ). إذ تعرضت إلى جرائم وحشية على يد الجماعة الإرهابية ابتداء من عام 2014 في سنجار – شمال العراق. وإضافة إلى القتل الجماعي للرجال، تم بيع النساء والأطفال للعمل أو إجبارهم على العبودية الجنسية. إن السبب الرئيسي الذي أدى إلى تعرض الإيزدية الى الإبادة الجماعية بحسب التحالف الدولي لمواقع الضمير هو :(( أن الدين والتقاليد الإيزدية تنتقل شفهياً ولا يوجد كتاب مقدس مكتوب؛ لذلك فإن الإبادة الجماعية والعنف المستمر ضد الإيزيديين يهددان بتدمير كل الثقافة غير الملموسة والتقاليد الدينية لهذه “الأقلية” )). [19]
وعلى هذا الأساس؛ فإن الهيئات الدولية تولي اهتماماً كبيراً بقضية التثقيف بالجرائم التي ارتكبت وبأهمية التوعية الثقافية، إذ تشير تقرير المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية، لعام 2014 إلى أن (( تؤدي الحقوق الثقافية دوراً مهماً في استراتيجيات العدالة الانتقالية والمصالحة: “يتوقف نجاح العدالة الجنائية والإصلاحية على إدماجهما في عملية أوسع نطاقاً”، ويشمل ذلك بصفة خاصة الحقوق الثقافية، التي يمكن أن تساعد في تحول المؤسسات وتحفيز التغيير في كل من المؤسسات الثقافية والآراء الفردية، وقد تأخذ التعويضات الجماعية عن الانتهاكات الواسعة النطاق أو الجسيمة لحقوق الإنسان شكل تدابير قانونية، وأيضاً تدابير غير قانونية. وتُغفل هذه في معظم الأحيان نظراً إلى دخولها مجال الرمزية وإحياء الذكرى. وتترتب على طرائق تخليد الروايات عواقب تتجاوز بكثير نطاق التعويضات. إذ تتشكل مساحات ثقافية وتعبيرية كاملة من خلال النصب التذكارية والمتاحف، فتصور، وتصقل أيضاً، بطريقة سلبية أو إيجابية، التفاعلات الاجتماعية والهويات الذاتية للناس، وكذلك رؤيتهم للفئات الاجتماعية الأخرى. ويكون الماضي أحياناً عامل تحديد لهوية الناس وليس عامل تنوير لهم. تقرير المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية، فريدة شهيد مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة 2014 )).
وجاء هذا التأكيد في قانون الناجيات رقم 8 لسنة 2021 حول الإقرار بالإبادة الجماعية ضد الإيزدية، وأهمية إحياء الذكرى السنوية وإقامة النصب التذكاري وهو تأكيد على أن هذا الأمر جزء لا يتجزأ من مشروع المصالحة وإنصاف الضحايا و إنصاف المجتمع الإيزيدي على ضوء حجم الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش.
النصب التذكاري الخاص بالإبادة الجماعية للإيزدية :
جاءت فكرة تنفيذ وإقامة نصب تذكاري للإيزدية ضمن مشاريع تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا وكجزء من التعويضات المعنوية وجبر الضرر. وقدمت العديد من المنظمات الدولية مشاريع بهذا الخصوص منها – التحالف الدولي لمواقع الضمير مقره شيكاغو – مبادرة نادية مراد- المنظمة الإيزدية للتوثيق – منظمة الهجرة الدولية ومنظمة جسر إلى الإيطالية UPP إلى جانب غيرها من المنظمات .
عُقد عدد من الجلسات – شارك في إعدادها وإدارتها كاتب هذه الدراسة – في السنوات 2019 – 2022 مع نشطاء وممثلي المجتمع الإيزيدي وممثلي الضحايا والناجيات والناجين ومع المختصين في هذا المجال لمعرفة توجهات ذوي الضحايا والضحايا الناجيات والناجين وتوجهات قادة ونشطاء المجتمع الايزيدي بخصوص اقامة نصب تذكاري عن إبادة الايزيدية في سنجار .
خرجت النقاشات بمجوعة أفكار رئيسية حول الكيفية التي يتم فيها تصميم وبناء المشروع، وما تتضمنه لكي تؤخذ بنظر الاعتبار في تنفيذ أو التخطيط لمشروع إقامة النصب التذكاري للإبادة الجماعية للإيزدية في سنجار باعتبارها جزءا من الحفاظ على الخصوصية المجتمعية للإيزدية في تصميم هذا المشروع، لكي يعبر عن المآسي التاريخية التي تعرض لها الإيزدية، وخاصة بالتركيز لموقع المشروع أو ما يتضمنه من مكونات أساسية وفرعية وكيفية تطويره على المدى البعيد؛ ليعبر عن هوية وخصوصية ووجود المجتمع الإيزيدي عبر التاريخ .
ووفقا للمقابلات والتقرير الملخص للجلسات النقاشية العشر التي عقدت، وإضافة إلى لقاء المختصين لبيان التنوع في الآراء بخصوص هذا المشروع تمحور تصور ورؤية المجتمع الإيزدية على ما يلي :-
أولا – التأكيد على أن موقع مشروع النصب التذكاري يجب أن يكون في مدخل مدينة سنجار على جهة اليمين – صولاغ، وعلى مساحة واسعة أو سفح الجبل حيث حدثت جرائم الخطف والقتل أمام أنظار الناس، كإشارة رمزية لاحتماء الناس بالجبل أو إشارة إلى المكان الرمزي الذي حصل فيه قتل مجموعة كبيرة من النساء الإيزيديات كبيرات السن في منطقة صولاغ – بعض التقديرات قالت انه تم قتل اكثر من 80أمرأة في هذا الموقع من قبل تنظيم داعش في منتصف شهر أغسطس 2014 بعد جريمة القتل الجماعي في كوجو التي أعتبرت واحدة من ألادلة الخاصة بقيام تنظيم داعش بإبادة الايزيدية .
ثانيا – التأكيد على أنه من الضروري الأخذ بالمزيد من آراء المجتمع الإيزيدي، وخاصة قادة المجتمع من جميع المناطق وإشراك المهندسين الإيزيديين والفنانين ورجال الدين في رسم خرائط المشروع و تصماميه و تقديم الآراء بخصوص عملية الإدامة .
ثالثا – التأكيد على أنه من الضروري أن يتم وضع نصب تذكاري مع مرفقات له – ساحة عامة – مركز توثيقي ومتحف ليضم معلومات عن جميع عمليات الإبادة التي تعرض لها الإيزدية عبر التاريخ الموثقة منها خاصة، وجناح خاص للإبادة التي حصلت في 2014،و قاعة عرض و فعاليات ثقافية وجناح للصور، وآخر للفيديوهات، وثالثا للوحات وقصص النجاح – خاصة للناجيات وقادة المجتمع الإيزيدي في سنجار، وقصص مواجهة الإبادة من قبل أبطال جبل سنجار وقصص توثق معاناة الضحايا والناجيات والمفقودين والمختطفات .
رابعاً – ضرورة أن لايكون لتصميم النصب التذكاري أو أي جزء منه قد تم تصميمه؛ ليعبر عن الإساءة إلى أية جهة سياسية أو عسكرية أو دينية أو مجتمعية، وأن يتميز برؤية إيزدية خالصة، ويتضمن في التصميم الرموز الإيزدية الرئيسية الشمس – القباب التي تشير إلى لالش – التراث الإيزيدي القديم والأزياء و الرؤية التي تبين أنه مجتمع متسامح ويحب السلام، وأن لايشير إلى بث الكراهية والتطرف أو أية أفكار عنصرية.
خامساً – أن يضم مشروع النصب التذكاري مقبرة رمزية تضم شواخص تشير إلى أسماء ضحايا المقابر الجماعية وضحايا الإبادة الذين قتلوا أو ماتوا في جبل سنجار أيام الحصار، و الهجوم على الجبل في صيف 2014 ، وأن يشير إلى القصص الإنسانية لمواقف المجتمعات الأخرى، التي وقفت مع الإيزدية في محنتها، وساهمت بانقاذ الناجيات ودعم أفراد المجتمع الإيزيدي، للخلاص من سطوة تنظيم داعش أو ساهمت في دعم المشاريع الخيرية للمجتمع الإيزيدي.
سادساً – ضرورة أن يتم الأخذ بنظر الاعتبار أن يكون المشروع ذا طابع مدني إنساني و ليس سياسي. وأن يتم إنشاء نصب مماثلة له أصغر حجما – تماثيل رمزية – توضع في الساحات العامة في الموصل – وشيخان ودهوك و بغداد ومدخل معبد لالش إلى جانب نصب تذكارية لمواقع ارتكاب جرائم القتل الجماعي، وخاصة نصب تذكاري على غرار النصب التذكاري الأساس يقام في كوجو تخليداً لضحايا القتل الجماعي – وأيضا نصب تذكارية مصغرة أو ذات خصوصية تعبر عن مكان وقوع الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش في حردان وقنى و زليلية أو كرعزير.
سابعاً – التأكيد على الاهتمام بالمخاوف التي تخص كيفية حماية الصرح والحفاظ عليه / النصب التذكاري؛ لذلك تم التأكيد أن يتم من الخطوة الأولى الاهتمام بهذه النقطة وإعداد كادر جيد وتدريبه لكي يشرف عليه، و يعرف كيفية الحفاظ على عليه، ويقدم التعريف عنه، ويوضح الهدف منه، أو يساهم في جذب الناس لزيارته.[20]
وفي سبيل نجاح المشروع؛ فإنه من جملة الاقتراحات والتوصيات المهمة التي قدمها قبل المشاركون في تلك الجلسات وأيضا التي تم جمعها لاحقا تمثلت بما يلي:
أولا – أن يكون تصميم النصب التذكاري وفقاً للمعايير العالمية، وقد تم فيه الأخذ بآراء المهتمين من الإيزدية وغير الإيزدية من المعنيين، ويتوافق مع البيئة الجغرافية لسنجار.
ثانياً – إشراك مختصين من المجتمع الدولي والاطلاع على تجارب الشعوب الأخرى مثل البوسنة وأرمينيا ومتاحف هولوكوست، لكي تتم إقامة نصب تذكاري يتوافق وطبيعة المجتمعات في سنجار.
ثالثاً – التأكيد على أخذ آراء بعض المختصين من المجتمعات الإيزدية في خارج العراق حول ما يمكن أن يسهم في نقل رسالة الإيزدية للعالم، ووضع مساهمات بعدة لغات / الكوردية – العربية – الانكليزية – الفرنسية – التركية – الفارسية – الألمانية وغيرها من اللغات.
رابعاً – الأخذ بنظر الاعتبار أن ينقل النصب التذكاري رسالة تعبر عن مخاوف الإيزدية من أنهم قد يكونون عرضة لحملة إبادة جديدة مستقبلا؛ لذلك يتطلب أن يراعي التصميم القيم المجتمعية الإيزدية في بناء الثقة والتصالح والتسامح مع المجتمعات المجاورة.
خامساً – أن ينقل المشروع رسالة مهمة للمجتمعات المجاورة ويفتح الباب لقبول الاعتذار والتسامح وحفظ الذاكرة المشتركة في سبيل ان لا تتكرر أية جرائم أخرى تجاه أي مكون في المنطقة، وتكون فيه مساحة للمجتمعات المجاورة بأن يروا أنفسهم في المشروع وفي حمايته والاهتمام به.
سادساً – أن يصبح الصرح – النصب التذكاري الإيزيدي محطة لتوعية وتثقيف المجتمعات الأخرى عن الإيزدية وثقافتها وخصوصيتها الدينية، وبأن يلخص الأفكار الأساسية في أن صفة النصب التذكاري هو (( المشروع – إنساني – مدني – ذات خصوصية إيزدية )).[21]
بالمجمل كانت رؤية المجتمع الايزيدي واضحة ان أقامة اي نصب تذكاري يجب ان يرتبط بحملات الابادة السابقة وان يكون نفاذة مفتوحة لعرض تلك الابادات وما اسفر عنها، وان يكون لها ايضا مكانة او زاوية خاصة لاستعراض حملات الابادة السابقة وتوثيق مجرياتها على قدر وجود المستمسكات والوثائق او اقامة صالة خاصة لعرض تواريخ ومواقع حملات الابادة السابقة التي تعرض لها الايزيدية عبر التاريخ المدون.
الى جانب ان النقاشات كانت واضحة بضرورة تضمين النصب الابعاد الدينية والرموز الدينية للايزيدية الاساسية منها ان يعتلي الشمس على البوابة او ان كان ممكنا اقامة مزار ديني داخل الباحة الاساسية لربط الخصوصية الدينية بحملات الإبادة و ان يتميز النصب بربطه بالعمارة الدينية للايزيدية في لالش وغيرها من المواقع الدينية مع التأكيد ان يكون هناك عدة اقسام وقاعات لمختلف الفعاليات الثقافية والفنية وقصص الناجيات والناجين وحملات ومبادرات توثيق التراث الايزيدية التي نفذتها المنظمات والمراكز الثقافية الايزيدية وغير الايزيدية وساهمت في التعريف و الحفاظ والتعريف بالثقافة الايزيدية ، الى جانب شاشات عرض لنقل وقائع الابادة و اقسام للمواقف الانسانية المشرفة لبعض الشخصيات و القادة الذين استشهدوا في معارك مقاومة تنظيم داعش اثناء فترة الحصار على الايزيدية في جبل سنجار … الى جانب الاشارة مواقف الشعوب والاقوام والامم التي وقفت مع الايزيدية واعترافها بما حصل للايزيدية من انها إبادة جماعية ومواقف المجتمعات المحلية المختلفة والقصص التشاركية التي ترتفع فيه قيمة التضامن الانساني. ..وضرورة ان يشرف عليها كادر مدرب تدريبا جيدا ويتم توفير الدعم والحماية له و ابعاده من توظيفه تجاه او لصالح اية مؤسسة للحملات الاعلامية السياسية او الدينية .
التأكيد الاهم الذي اشارت أليه النقاشات و أراء المشاركين ضرورة أبعاد النصب التذكاري عن اية رموز وسياقات سياسية حتى لايخلق ردود فعل سلبية ويكون للجميع، وان يرى الجميع أنفسهم فيه ويساعد على منع التكرار لأية عمليات استهداف للايزيدية واية اقليات دينية اخرى في العراق ويكون جزءا ساسيا من الأنصاف وتحقيق العدالة وأنهاء التهميش والصور النمطية تجاه الايزيدية – اخيرا قالت احدى الناجيات المشاركات في الجلسات النقاشية (( أتمنى ان يكون هذا النصب لائقا بتضحيتنا ومعاناتنا وان ينقل للعام قصص مآسي الايزيدية في قبضة تنظيم داعش ويكون مساحة نشعر فيه بالاسترخاء والراحة في استذكار الماضي وينقل هذه الحقائق للعالم أجمع بلغة ورموز تليق بضحايا مجتمعنا ))
** خضر دوملي – باحث مختص في حل النزاعات وبناء السلام والإعلام ومستشار مختص في قضايا السلم والتماسك الاجتماعي وشؤون الأقليات مع عدد من المشاريع التي تنفذها المنظمات الدولية في العراق
قائمة المصادر
[2] تقرير المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية، فريدة شهيد 2014 مجلس حقوق الانسان .
[3] . أحميدة الصويلي تونس – رمزية النصب التذكاري، ودلالاته https://soulihmida.wordpress.com/2014/12/03/%D8%B1%D9%85%D8%B2%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%8C-%D9%88%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%87/ https://soulihmida.wordpress.com – 2014 .
[4] تقرير المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية، فريدة شهيد – مجلس حقوق الإنسان 2014 .
[5] دراسة تحليلية لمختارات من النصب التذكارية – المجلة المصرية للدراسات المتخصصة 2020 تأليف مجموعة باحثين.
[6] أحمد الصويلي، المصدر السابق.
[7] المصدر نفسه.
[8] المصدر نفسه.
[9] المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية، والتمييز العنصري، وكره الأجانب، وما يتصل بذلك من تعصب منشورات الأمم المتحدة نيويورك 2003 .
[10] موسوعة الهولوكوست.–https://encyclopedia.ushmm.org/content/ar/article/introduction-to-the-holocaust
[11] https://khabararmani.com/?p=270/
[12] https://www.un.org/ar/preventgenocide/rwanda/commemorations-2022.shtml
[13] https://arabic.euronews.com/2023/07/11
[14] “.https://ar.yna.co.kr/view/2019
[15] https://zagrosnews.net/ar/news/42633
[16] https://news.un.org/ar/story/2021/05/1075932
[17] https://www.ohchr.org/ar/press-releases/2016/06/un-commission-inquiry-syria-isis-committing-genocide-against-yazidis
[19] – https://www.sitesofconscience.org/about-us/about-us-2/.
[20] تقرير ملخص جلسات إقامة النصب التذكاري للإبادة الإيزيدية ضمن مشروع تحالف الضمير، ومنظمة جسر إلى الإيطالية ومبادرة نادية من إعداد كاتب الدراسة 2021.
[21] تقرير ملخص جلسات مشروع إقامة النصب التذكاري للإبادة الإيزيدية سبقت الإشارة إليه.
* نشرت هذه الدراسة في مجلة لالش للدراسات في القسم العربي في العدد – 50 – الذي صدر في ايلول 2023 نعيد نشره مع بعض التعديلات والاضافات .