خضر دوملي ///
قبل ايام عقدت ندوة مهمة في اربيل من قبل جميعة نساء ضد العنف الاردنية و منظمة تمكين المرأة في اربيل تحت شعار ( لمرأة طوق نجاة) تحديدا 24 نيسان 2016 وشارك فيها العديد من الباحثين والنشطاء والمهتمين بقضايا وحقوق المرأة قدمت خلالها ورقة عمل بعنوان ( دور الاعلام في مواجهة العنف والتطرف؛ رؤية للمواقع الالكترونية ) ، ونوقشت العديد من اوراق العمل الخاصة بدور المرأة ودور وسائل الاعلام والمؤسات التربوية والقرارات الدولية في تعزيز مكانة المرأة.
ولأن الواقع الحقيقي للمرأة في البلدان التي قدم منها بعض المشاركين الذين قدموا من الاردن، والمغرب وتونس، يشبه الى حد قريب الواقع الذي يعيشه العراق، في النظر الى مكانة المرأة في عمليات السلام، ولأن الرؤى والافكار التي طرحت كانت لها اهمية وساهمت في اغناء النقاش بصورة حقيقية بأن البحث عن السلام والاستقرار والحد من انتشار التطرف والكراهية والعنف لايمكن ان يتحقق دون تعزيز مكانة المرأة في المجتمع وضمانة حقوقها ليس فقط على الورق بل على الواقع الفعلي.
ولان التحديات التي طرحت في الندوة كانت كثيرة والمقترحات الخاصة بالحلول كانت مهمة في كيفية تعزيز مكانة المرأة والبحث عن اليات تساهم في الحد من العنف والتطرف، يمكن الاشارة بأن التوجهات الحالية الحديثة في تحليل مصادر النزاع، واسبابه الجذرية، تبدأ من انتشار العنف والتطرف، والحاضنة الاولى التي تهيء الارضية لهذا الامر هو كما اشارت اليه اوراق عمل الندوة وكذلك تذهب أليه اراء العديد من المختصين بأن المنبع الاول لانتشار العنف هو العائلة والذي يتحول تدريجيا الى عنف في المجتمع وسببا لانتشار التطرف او يوفر الفرصة لأحتضان التطرف، أي او العائلة تتحمل السبب الاول. وبما ان للمرأة دور كبير في الحد من ذلك، من انتشار العنف يجب النظر الى هذا الموضوع اولا … لكن عندما تكون حقوق المرأة منسية، والحديث عن مكانتها غائبا، وتعزيز حقوقها في المشاركة في بناء المجتمع وأول خطوة هي في كيفية بناء الفرد ليس كما يجب، يأخذ العنف طريقه للانتشار، ويصبح التطرف واقعا، وتكون عملية البحث عن سلام دائم ومستقر امرا ليس هينا، لا بل انه يصعب تحقيق الاستقرار والحد من العنف والكراهية، مما يعني صعوبة تحقيق سلام مستقر ومستدام.
نعم ان الندوة كانت مهمة، والمواضيع التي طرحت افرزت جملة تصورات رئيسية في كيفية العمل من اجل مكانة المرأة وضمانة حقوقها، الا ان هذا الامر ليس بالسهل تحقيقه في وقت لايزال هناك من يتصور ان بالامكان بناء وتعزيز السلام في المجتمعات بعد مصافحة السياسيين وعقد الاتفاقات والجلسات في الصالات المغلقة او التصريحات امام شاشات التلفاز او الاقوال التي تذهب مع تراجع الصورة الخبرية او تأرجحها في خانة ارشيف المواقع الالكترونية.
هذا التصور ليس وليد الصدفة ولا نتاج تصريح او رأي، لابل هو الواقع الذي يتصوروه ويعمل عليه الكثير من المهتمين ، كما انه ضمن برنامج الكثير من المؤسسات والمنظمات، وتوجه الكثير من الاحزاب السياسية ايضا، وهو ما يشكل عقبة كبيرة امام بناء وتعزيز السلام في المجتمعات، التي حالما تنتهي تلك الصورة من مخيلة الناس، وحالما يحدث شرخ بسيط هنا او هناك فأن العودة الى نقطة البداية تكون هي الاسرع، أي نقطة الخلاف الاولى، التي كثيرا ما يدفع المواطن البسيط الضريبة الاكبر لتلك التوجهات وذلك التصور الذي يعتقد ان بناء السلام يأتي بعد مصافحة السياسيين، وينسون لابل احينا يرفضون الاقرار بأن بناء السلام عملية شاملة ولابد ان تبدء اولا بعدم فسح المجال لأنتشار العنف والتطرف مجددا في المجتمع.
لذلك فأن النظر الى الجانب الاخر لعمليات بناء السلام هو الاساس الذي يجب ان ننطلق من خلاله، للوصول الى سلام حقيقي يلبي رغبات وطموحات جميع الاطراف، و يعزز من مكانة جميع فئات المجتمع ومكوناته. وهذا الامر لا يأتي بسهولة ، خاصة في البلدان التي تشهد نزاعات معقدة، ومتشابكة، كما هو حال بلدان الشرق الاوسط، ولن يصبح او لن تصبح مقومات السلام متاحة وقابلة للتحقيق دون الاقرار بمكانة ودور المرأة في تلك العمليات.
عليه وفي سبيل التفكير والعمل بصورة حقيقية بأن السلام يمكن تحقيقه، لابد من التصور اولا من هي الجهات التي يجب ان تكون فاعلة، ولها مساهمة مباشرة فيه، ومن هي الاطرف والفئات التي يجب ان تأخذ دورا فاعلا في تعزيزه، وتصبح جزءا من عملية السلام وهدفا وقرارا، ورغم ان الواقع يشير الى الكثير من الفئات، ألا ان الرؤية الاشمل والاصح تبدأ الان الى دور ومكانة المرأة في بناء وتعزيز السلام والحد من العنف والتطرف ، التي بدونها يكون السلام الناتج من مصافحة السياسيين وعقد الاتفاقات في الصالات المغلة امرا لايسر، ولاتصبح واقعا يشعر به الجميع .