مسارات بناء السلام وتعزيز التعايش في نينوى
بعد القضاء على تنظيم داعش عسكريا
خضر دوملي *
بعد انتهاء معركة تحرير الموصل واكثر من عام بأعلان القضاء على تنظيم داعش عسكريا في نينوى، برزت الى السطح أهمية الجهود التي تبذل والخطط التي توضع لمواجهة الاثار التي نجمت عن سيطرة التنظيم لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة على المنطقة برمته وخاصة محافظة نينوى ، والتي الى الان لا توجد صورة واضحة لهذه المواجهة – التخطيط لمرحلة ما بعد داعش – التي هي أهم بكثير من المواجهة العسكرية..
ففي الوقت التي أظهرت مواقف و تصريحات وخطط هنا وهناك لتعزيز الامن والاستقرار والبدء بمرحلة إعادة الاعمار ألا أنها تبدو خالية من مضمون واضح يتبين بأنه وضع او وضعت لمراعاة التغييرات النفسية والاجتماعية والسياسية والدينية الكبيرة التي فرضه تنظيم داعش، أو انها توازي حجم المأسي والتراجيديا التي خلفها التنظيم ورائه بدءا من جرائم القتل الجماعي وسبي الايزيديات وانتهاءا بالدمار الذي لحق بالمدن والبلدات او التدمير الذي ألحقه بالتراث الانساني في نينوى ، كما ان غياب عنصر التنسيق ووضع الخطط طويلة الامد والبدء بالخطط التي تساعد على عودة الحياة للمدن والبلدات توضوح ان هناك تدخلات في مشاريع أعادة البناء العمراني، وغياب لأية مشاريع خاصة بأعادة تأهيل الانسان و مواجهة عودة التطرف العنيف والكراهية .
ان غياب التنسيق بين الجهات ذات العلاقة في عملية إعادة الاعمار ووجود أجندات من قبل بعض المسؤولين والجهات المؤثرة في السير بتنفيذ مراحل الاعمار وتحقيق المصالحة وبناء السلام في نينوى وفق الاهواء الشخصية او وفق المصالح الضيقة سيوفر الفرصة لعودة مجاميع مسلحة بمسميات جديدة خاصة وأن هذا الامر أصبح مترسخا لايمكن الخلاص منه ألا لسنين عديدة قادمة، وهو ان الفساد المالي يوفر الفرصة لأنتشار الارهاب مع وجود بقايا التنظيمات الارهابية ( وتمت ملاحظة هذا الامر – عودة الارهاب – من خلال العديد من الجلسات النقاشية التي اشرفت عليها شخصيا خلال العامين الماضين – كما أن مخاوف من ظهور الجيل الرابع من الارهابيين تبدو أكثر وضوحا مع عدم معالجة موضوع عوائل داعش بشكل عملي ووفق قوانين تحقيق العدالة)) .
لذلك فأن مجموعة تساؤلات مرتبطة بالموضوع تطرح نفسها والتي تتعلق او ترتبط أرتباطا مباشرا ببناء السلام والاستقرار، هل هناك حقا جهود حثيثة ومنظمة لبناء وتعزيز السلام في نينوى؟ ، كما هو الامر في مناطق اخرى ايضا مثل الانبار او صلاح الدين – تكريت – الحويجة او المدن والبلدات الاخرى التي عانت ما عانته من سيطرة تنظيم داعش ، بعد اعلان رئيس الوزراء تحريرها من قبضة تنظيم داعش!!!؟ – رغم انها لم تتحرر سواء الارض او الانسان بعد؟، اذ تنشط الجماعات المسلحة يوما بعد أخر او بين حين واخر في العديد من المناطق وصلت لدرجة مهاجمة القوات الامنية وخطف المواطنين وتنفيذ عمليات تصفية وخاصة ضد الذين يقدمون المعلومات للمؤسسات والجهات الامنية عن تحركاتهم.
من هنام فأن من الضروري التوقف عند بعض المحطات الرئيسة بخصوص تحقيق الاستقرار وتعزيز السلام والامن: هل هناك رؤية حكومية واضحة للمضي في فرض السلام والبدء بخطوات بناء السلم المجتمعي وفق مبدأ العدالة والمصالحة ؟ وكيف شكل هذه الرؤية؟
هناك تصور يبدو اكثر وضوحا كل يوم من أن المصالح الخاصة للاطراف المعنية بأعادة الاعمار والمسؤولين عنها تتضارب مع الخطط التي أعلنتها صندوق إعادة الاعمار احيانا وتتقاطع مع بعضها احيانا أخرى، ولاتلتقي الا في المماطلة ببدء خطة الاعمار رغم توفر الاموال و الرغبة الدولية، مع غياب الارادة الوطنية لأتخاذ الاجراءات الصارمة، وايضا على مستوى أدارة المحافظة للبدء بحملة الاعمار غائبة تماما، والا فأن مدينة سنجار التي شهدت ابشع الجرائم التي ارتكبها التنظيم ضد الايزيدية من جرائم السبي و الاسترقاق والقتل الجماعيين و اعلان مجلس النواب ان سنجار منكوبة، ألا ان الجهات ذات العلاقة لم تتخذ اية خطوات خاصة بالاعمار واعادة الحياة الى سنجار التي لاتزال تئن تحت جراحاتها ويتفرج أبنائها الذين نجوا من جرائم القتل الجماعية على المقابر الجماعية التي أهملت، وكأن لا أحد من يطالب بحمايتها وصونها ، على الاقل لانها تحتضن رفات المئات من الضحايا وينطبق نفس الامر على الجانب الايمن لمدينة الموصل التي تعتبر شاهدا على جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب سيطول الحديث عنها لاحقا، ومن ثم المدن والبلدات الاخرى التي شهدت الدمار والخراب.
التصريحات والمواقف على الارض
ان التصريحات و الخطط التوجهات التي تبرز او تعلن من طرف او اطراف مختلفة تبين أنه لايوجد رؤية واضحة لبناء السلام والعمل على تعزيز العيش المشترك، وان الجهود والمسارات التي تحاول مكونات نينوى الدينية، وخاصة ما تعرض له الاقليات الايزيديين والمسيحيين والشبك والتركمان الشيعة والكاكائية في طرحها بدءأ من طلب الحماية الدولية ومعاقبة الجناة الذين ارتبكوا الفظائع بحقهم، او تشكيل محافظة في سهل نينوى وأخرى في تلعفر، الى الان ليس له مسارات واضحة كيف ستكون وماذا ستحقق، وصولا الى الصمت الغريب للمكونات السياسية العربية في نينوى بتوجهاتها المختلفة والتي بشكل مباشر تقف امام اية محاولة لوضع خارطة جديدة لنينوى اداريا وسياسيا، وتمسكها بمنهج عفى عليه الزمن في التعامل مع هذه المعضلة ، من أننا جميعا عراقيون، وان من يتحدث عن تشكيل الاقاليم، او طلب الحماية هو عميل للأمبريالية والصهوينية ، و و و وألى اخره من التوصيفات التي تصل الى درجة الاهانة وهذه تقف عائقا كبيرا امام بناء او وضع خطة تشاركية لمستقبل نينوى ما بعد داعش .
هذه الرؤى المتباينة وغير المنظمة والتي تفتقر الى قراءة الواقع بجرأة تبرز الى الواجهة مسألة بناء السلام و التعايش بين مكونات المحافظة التي ما يؤسف له انه لايوجد أية خطة وطنية فاعلة لمواجهة الفراغ في التواصل بين الجهات والمكونات ذات العلاقة وفقدان الثقة لأن أعادة بناء الثقة هي الاساس التي تحتاج الى مجموعة مبادرات وفعاليات ومقررات تقوم بها الحكومة اولا … في وقت ان الخطط والتصريحات التي تعلن هنا وهناك لايوجد فيها ما يشير بأنه هناك أرادة وطنية للمضي في بناء السلام وتعزيز التعايش في نينوى بعد القضاء عسكريا على تنظيم داعش. خاصة ان الكثير من المسؤولين بعد الانتخابات وقبلها باتوا يغردون مجددا على اوتار الطائفية و التحريض او التنصل من المسؤوليات في فرض الامن وتحقيق السلام بدعم مشاريع التحقيق في الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش، لابل ان بعضهم وفقا للكثير من المعطيات الموجودة على الارض وما يصرح به المواطنين – المتضررين والضحايا خاصة – يتستر على الكثير من الاشخاص وساهم بسبب الفساد الاداري والمالي بحماية العديد من الاشخاص الذي ارتكبوا جرائم والان احرار او اعضاء في المجاميع العسكرية المختلفة الموجودة في نينوى.
كما ان غياب الروح الانسانية التي تتقدم المصالح الشخصية والحفاظ على المصالح وفقا للانتماءات والتقدم بالعفو والمسامحة واعلان البراءة من الذين ارتكبوا الجرائم البشعة بحق المواطنين المدنيين العزل لم يصبح جزء من ثقافة التصريحات الرسمية وغير الرسمية ، بل العكس التشبث بالمواقف وايجاد الحجج والمبررات هي الاكثر حضورا في تلك التصريحات.
تساؤلات للمضي في مسار بناء السلام
اذا تابعنا بدقة وتحليل واقعي فأن الاثار التي نتجت عن هجوم واحتلال داعش لمحافظة نينوى كما الحال في المناطق الاخرى، تتوضح رؤية مهمة لابد من الوقوف عندها في أية جهود وخطط خاصة بالسلام في نينوى وهي من أن هناك تدمير للبنية المجتمعية – داخل العائلة الواحدة – العشيرة الواحدة – او بين مختلف العشائر والمدن والمناطق والقرى – الى درجة ان توصيفات غير جميلة بدأت تطلق على من بقيى في فترة داعش تحت سيطرته او من اصبح نازحا – لايمكن الخلاص من تلك الاثار على الاقل بعد جيل كامل، فالاخلاقيات التي ترسخت وخاصة في بعض المناطق منذ 2005 والى ان جاء التنظيم وقام بتطبيق وتعزيز تلك الاخلاقيات والقيم التي لاتمت الى الحضارة بصلة، ليس من السهولة الخلاص منها.. ( سبي النساء – القتل الجماعي – القتل الوحشي – التدمير الحضاري ورفض الاعتراف بالاخر ) عليه بأعتقادنا أن الدخول الى الموضوع من باب طرح مجموعة تساؤلات تتعلق بالموضوع وبدور ومساهمة الجهات ذات العلاقة في بناء السلام لابد ان يؤخذ في نظر الاعتبارا عدة مسارات حتى تتوضح الصورة اكثر :
اولا – ماهي الخطط الحكومية الخاصة ببناء السلام في نينوى بعد داعش للبدء بمرحلة المواجهة الثقافية لافكار تنظيم داعش وخاصة في المناطق التي كانت حواضن للجماعات الارهابية والمتطرفة؟
ثانيا – ما هي برامج الاحزاب السياسية في نينوى لمواجهة التطرف الديني الذي رسخه وعززه تنظيم داعش في نينوى وبرامجها بخصوص المصالحة والتشاركية في السلطة المحلية؟ وهل تم اعادة النظر في مناهجها وسياساتها بخصوص المرحلة القادمة؟.
ثالثا – كيف يمكن مساعدة المجتمعات – الاقليات التي تفتتت و تعرضت الى الابادة من قبل تنظيم داعش لكي تساهم في التوجه الى القبول بالعيش المشترك مجددا والاستعداد للمشاركة ودعم مشاريع المصالحة؟ وما هي رؤية الاغلبية لأقرار هذا الامر واعلان العفو والمسامحة للبدء بتطبيق العدالة ؟
رابعا – ما هي مسؤولية المجتمعات المحلية في بناء السلام وتعزيز التعايش في نينوى؟ المجتمعات المحلية على مستوى ضيق، البلدة – القرية – العشيرة او جزء منها ..!!!؟؟
خامسا – ماذا لدى المجتمع الدولي من خطط لبناء السلام وتعزيز التعايش في نينوى؟
سادسا – ماهي الخطط البديلة فيما اذا تعرضت او واجهت خطط الحكومة في بغداد عدم القبول او الرفض او لم تكن بمستوى متطلبات المرحلة الراهنة بعدما تغيرت الخارطة الديموغرافية والسياسية في المنطقة بشكل عام ومحافظة نينوى بشكل خاص.
ان الوقوف على هذه المسارات بدقة وما موجود حاليا على ارض الواقع من توجهات لدى كل طرف مسؤول عنه يتبين لنا ووفقا للاسئلة ما يلي :-
= الخطط الحكومية الخاصة ببناء السلام في نينوى بعد داعش – يبدو للمتابعين والمهتمين انه ليس لدى الحكومة خطط واضحة وعلنية وصريحة لمواجهة مرحلة ما بعد داعش بالشكل الذي يجب اتباعه، وهذا ناتج من عدم وجود رؤية حكومية وارادة وطنية واضحة لمواجهة تلك المرحلة، ارادة تفرض القانون وتحقق العدالة، ولاتميز بين فرد وآخر او مكون مجتمعي وآخر مستمدة من الاعراف الدولية وليس من توجهات أثنو دينية ضيقة.
الى الان لم تعلن الحكومة كيف ستتعامل مع الاثار التي نتجت عن احتلال داعش للمدن والجرائم التي ارتكبت بحق الابرياء، كيف سيكون مصير من قام ب سبي الايزيديات؟ وما هو مصير من دمر كنائس المسيحيين ومزارات والكاكائية والشيعة – خاصة أن اغلبهم معروفين للاجهزة الامنية؟ ومن الذي يعوض الخسائر الروحية والنفسية الكبيرة التي اصابت الناس بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم وانتمئاتهم؟
الى الان لم تعلن اجراءات او مقررات او تشريعات ذات صلة بهذا الموضوع سوى اعلان من وزارة الهجرة والمهجرين بدفع مبلغ مليون ونصف مليون دينار لدعم العوائل الراغبة بالعودة، فلنعتبر ان هذه بادرة حسن نية ! ونقنع انفسنا أنه سيكون هناك جهود ومبادرات أخرى بهذا الخصوص، اذا لما لم تغير الحكومة او تعلن مبادرة او تطرح فكرة لتعديل القرار رقم 20 الخاص بعودة النازحين لماذا لاتوجد الى الان لجان خاصة للتحقيق في الخسائر البشرية والمادية وهل سيتم عسر كل هذه الامور في بوتقة خطط لجنة المصالحة العائدة لمكتب رئيس الوزراء التي هي الاخرى هناك علامات استفهام كثيرة عن عملها ، ويمكن التعرف على نهجها من خلال رؤيتها والتي هي منشورة في موقعها الرسمي وهي :
(( المصالحة: تسوية تاريخية عراقية تضمن الإتفاق والشراكة على الشكل النهائي لتوزيع السلطة والثروة وقضايا الأرض والإدارة، وتتجسد بمبادىء والتزامات متبادلة تلتزم بها أطراف التسوية، وتستند الى أسس كالأمن الشامل مقابل المشاركة الشاملة والتسوية الشاملة وليس التنازل أحادي الجانب ومبدأ اللاغالب واللامغلوب وسلمية الصراع بما يضمن اسقاط العنف كورقة سياسية.))
وما يؤسف له ان الجهود التي تبذل من قبل هذه اللجنة مع جل أحترامي لها غير مفهومة، وغير واضحة، وليس لديها رؤية واضحة في التعامل مع من وكيف ولماذا ؟ لاتوجد لديها مسارات واضحة في ان يعرف الناس ماذا ستحقق المصالحة ؟ و كيف تقوم اللجنة بعملها؟، فأولى شروط المصالحة الشفافية في المنهج والتنفيذ والرؤية المستقبلية، وما هي الاسس التي على ضوئها يعملون، لان جهودها مقتصرة على لقاءات بين السياسيين – اغلبهم غير مرغوبين مجتمعين ولديهم في اجتماعات اللجنة رؤية وعندما يخرجون ليتحدثوا لأتباعهم يطرحون رؤى واراء اخرى. كما ان اللجنة لم تستطع ان توضح رؤيتها للنسا او للمكونات المختلفة التي لايوجد لديها مكانة واضحة فيها رغم انها الضحية الاكبر لأعمال الارهاب والتطرف التي أنتشرت في العراق منذ 2003 ، ومشروع المصالحة هذا هو لوضع حدا لمعاناتهم بالدرجة الاساس.
هل يجب ان يكون هناك رؤية واضحة للمصالحة وبناء السلام في نينوى لها خصوصيتها تختلف عن رؤيتها وخططها لتحقيق المصالحة في محافظة او منطقة عراقية اخرى ؟ نعم بالتأكيد لأختلاف خصوصية الصراع ونتائجه في نينوى.
عليه لو طالعنا الخطة الاستراتيجية لنينوى للخمس السنوات القادمة سنصطدم بعقلية جارفة تريد فرض طريقة واحدة للعيش وتحقيق الاستقرار دون ان يكون هناك رؤية واضحة كيف سيحققون الاستقرار والتنمية دون ان يكون هناك مكانة واضحة مثلا لملف خطف النساء الايزيديات وانصافهن وتحقيق العدالة في هذا الملف الشائك، او حتى اشارة واضحة لمكونات نينوى الدينية والقومية – اذا لم تكن هذه المواضيع ضمن الخطة الاستراتيجية لنينوى مابعد داعش فأين تكون مكانتها لتحقيق السلام والاستقرار والانصاف لهم ؟
= برامج الاحزاب السياسية في نينوى لمواجهة التطرف الديني الذي رسخه وعززه تنظيم داعش في نينوى ؟
ان النظر الى رؤية الاحزاب السياسية العراقية بمختلف توجهاتها فيما يخص رؤيتها الى مستقبل نينوى ، هي الاخرى تفتقر الى الرؤية الواضحة، واذا ماكانت هناك تأكيدات للاحزاب الكوردية، وخاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني بأنه من الضروري ان يكون هناك ألية جديدة لأدارة شؤون نينوى تتميز بالشراكة والتشاركية وضمانة حقوق جميع المكونات ، وعدم العودة الى ماكانت الامور عليه قبل سيطرة داعش على الموصل، فأن الاحزاب الاخرى العربية خاصة التي لها قاعدة جماهيرية في نينوى وذات توجهات خاصة بها وبمختلف توجهاتها لم تعلن مواقفها الصريحة لنينوى ما بعد داعش، وهي تعلن موقفا في تصريح سياسي لتتراجع عنه في موقف اخر، على الاقل وفقا لتصريحات سياسي نينوى ، لانها تعرف الضرر الذي سيصيبها، لذلك تعتمد على التصريحات ذات التوجه التهربي او التي تستهدف التغطية على الجرائم التي اعضاء او مقريبن لمسؤولين من تلك الاحزاب يقفون ورائها .
واذا ما ذهبنا بشكل ابعد وتابعنا بعجالة مشروع ورقة التسوية او مبادرة مقتدى الصدر فأنها هي الاخرى ليست واضحة المعالم، في وقت ان ورقة او مشروع التسوية للتحالف الوطني العراقي الذي تعبر عن توجهات الاحزاب الشيعية بشكل اساسي هي الاخرى غير مفهومة المعالم.
عليه لابد ان ندقق لنستنتج مكانة الصراع في نينوى والاثار التي نتجت عنه في ورقة التسوية التي تعلن بين الفينة والاخرى – حقيقة ومع احترامي يبدو هي الاخرى غير واضحة وغير مفهومة ولاتستند الى وقائع جديدة نتجت عن غزوة داعش الفكرية وسيطرتها على المحافظة من سنوات عديدة وليس اعتبارا من 9 حزيران 2014 لأنها القاعدة – داعش كانت تتحكم بارادة المنطقة تلك منذ عام 2005 .
وفيما يتعلق بمبادرة مقتدى الصدر ووفقا لما نشرت في المواقع الالكترونية المختلفة يمكن الوقوف على جملة مسارات وردت ذات العلاقة ببناء السلام والاستقرار في نينوى فيها :
- ثالثاً: ضرورة تشكيل خلية دولية تعنى بحقوق الإنسان والأقليات تكون مهمتها الإشراف على إزالة الانتهاكات والتعديات الطائفية والعرقية بالتنسيق مع الجهات الحكومية والبرلمانية المختصة .
- سادساً: ضرورة فتح حوار جاد وفاعل مع الأطراف في كردستان من أجل الوصول إلى حلول تنفع واقع العراق وشعبه ولا مانع من يكون برعاية أممية.
- الثامن عشر: العقوبات الجغرافية ومساوئ المخبر السري
حقيقة فيها الكثير من النقاط التي تتطلب الوقوف عندها ، ولكن لايسع الوقت لشرحها لأنها بحاجة الى قراءة منفصلة وموحدة، فهل يعقل ان يتم المحاسبة للذين ارتكبوا الجرائم وسبوا النساء وقتلوا وخطفوا ودمروا الكنائس وفقا لهذه التوجهات ؟ كيف سنحقق العدالة اذا لكي تكون اساسا لتحقيق السلام.
هذا الامر يأتي في وقت تتذرع الاحزاب ذات التوجه المذهبي السني في الموصل بالمخاوف من انتشار التطرف والكراهية والقتل هلى الهوية – الممراسات التي سكتت عنها منذ 2004 .
= كيف يمكن مساعدة المجتمعات التي تفتت و تعرضت الى الابادة من قبل تنظيم داعش لكي تساهم في التوجه الى القبول بالعيش المشترك مجددا ؟
ان النظر الى الواقع الذي اسفر من جراء غزوة داعش لمناطق الايزيدية – المسيحيين – الشبك – الكاكائية – التركمان الشيعة يعطي لنا صورة واضحة عن طبيعة الجرائم التي ارتكبت بأنتقائية واضحة، كما انه يبين حجم الحقد والكراهية العميقة التي يكنها الذين انضموا لتنظيم داعش او ساندوا ويساندوا توجهاته الان بمختلف الطرق، يبين فراغا فكريا وانسانيا عميقا بينهم وبين الضحايا . لذلك فأن مساهمات هذه الجماعات للدعوة الى وضع خطط لمستقبل نينوى تتحقق فيها العدالة ، وصراخها لايلقي آذانا صاغية من الذين كانوا اصحاب القرار في مرحلة قبل سقوط الموصل، كما لاتلقى القبول باللذين يقدمون أنفسهم من أنهم من يرعون او سيديرون مستقبل المحافظة – او الذين يريدون التحكم بمصيرها ومستقبلها الان .. الدعوات الكثيرة التي يعلنها الايزيدية بعدم السماح ان تتحول سنجار الى ساحة صراع سياسية قوبلت بالعكس وها هي اخر بوارد ذلك الصراع القصف التركي على سنجار يوم 25 نيسان وما حصل فيها من معارك يوم 3 اذار 2017 ، والى الان لاتوجد رؤية واضحة للايزيدية في اقرار شكل العلاقة مع الموصل، فجماعات مدعومة من الحشد الشعبي تعلن مواقف لاتتلائم وطبيعة الصراع والاثار التي نتجت عنه، فتلك الجماعات لاتقرء منهجية الاحزب المسيطرة على مقاليد الامور في تعاملها مع ملف خطف وسبي الايزيديات على اقل تقدير، ولايهمها سوى مصلحة آنية سيدفعون ثمنها بضياع الكثير من الحقوق لبني جلدتهم. وعلى اقل تقدير بأمكانهم النظر الى تعامل الحكومة المحلية في نينوى مع مسألة المناطق المحررة في سنجار وبعشيقة حتى يستنتجوا الرؤية الاوضح لمكانتهم في نهج تلك الاحزاب .. اما البقية الباقية من الذين مع خط أدارة مستقلة وتشكيل محافظة في سنجار الى الان لم يستطيعوا ان يقدموا مشروعا متكاملا الى اقليم كوردستان او مجلس النواب العراقي عبر مجلس محافظة نينوى حتى تتوضح الصورة لديهم على اساس ردود الفعل او الية التعامل مع الموضوع .
واذا ما تابعنا على دعوات الاحزاب المسيحية هي الاخرى لاتمتلك رؤية واضحة ومسار متفق عليه في اقرار شكل العلاقة مع الموصل، المناطق المسيحية التي تحررت تتعرض الى تغيير ديموغرافي ممنهج ومستمر – الخطوط الفاصلة تعلن عن خرائط جديدة – الهجرة تفرغ المنطقة من سكانها الاصليين، والجماعات المسلحة المسيحية لاتمتلك تلك الرؤية التي تقرر مكانتها في نينوى الغد ، اذ لاتزال المكونات المسيحية تبكي على امجاد الماضي في وقت لايعرفون أو لايريدون ألاقرار من أن عودة المسيحيين الى مركز الموصل أصبح اشبه بحلم ظهيرة تموز وفقا للواقع الذي نتج عن سيطرة تنظيم داعش في الموصل ودعم السكان المحليين لتفريغ المدينة من سكانها الاصلاء.
وما تعلنه الاحزاب المسيحية ونفس الامر بالنسبة للايزيدية والكاكائية بخصوص موضوع الحماية للاقليات حتى يستطيعوا العيش والعودة الى مناطقهم اقل ما يقال عنه من قبل الاخرين – الاغلبية تعتبره : تمرد وكفر و خيانة ،،، تعالوا انظروا الى راي شخص يعتبر من المهتمين بالموضوع بهذا الخصوص ويحسب في خانة المعتدلين : في (( مقال بعنوان – الاقليات والحماية الدولية بعد داعش – عامر الجومرد – اذا تمت حماية دولية لسهل نينوى فسيصبح جزيرة صغيرة في محيط الاكثرية , وسيكون كيان سياسي او شبه سياسي طائفي يقوم على اساس الدين , فهل سيكون بعيدا عن الصراعات الدينية والطائفية القذرة ؟ كما سيؤدي الى زيادة عزل اخواننا المسيحيين عن مجتمع الاخرين وهذا حتما سيزيد من استمرار هجرتهم الى خارج العراق ……. عليه نأمل ان يخرج اخواننا المسيحيون من التقوقع والانطواء وينفتحوا تجاه الاخرين ويتفاعلوا معهم ويشاركوهم في السراء والضراء لان لهم نفس الحقوق والواجبات , ويبقون دائما وابدا موضع احترام وتقدير . فليبقى كيان المجتمع العراقي ونينوى بالذات مترابطا وصلبا بعد داعش والى الابد ))
اذا كان هذا رأي باحث وكاتب مختص فمابالكم بالعاميين من الناس، وهي الاخرى كثيرة لامجال لذكرها رغم وجود مواقف مشرفة ومساندة لتوجهات الاقليات في نينوى لكنها تأبى الاعلان عنها في الوقت الحاضر فلا نعرف ما هي طريقة تقوقع المسيحيين وما هي المباردات التي قدمتها الاغلبية التي ينتمي اليها الكاتب لكي يطمئن المسيحيين من أن مستقبلهم وحياتهم ضامنة في المحافظة؟؟؟ .
وما يتعلق بالشبك والكاكائية والتركمان الشيعة، فهي الاخرى ليس لديها رؤية واضحة عن السلام المستقبلي في نينوى لتأثرها بالمنهج المذهبي – الديني وعلى أثرها باتت ضحية صراعات اثنية فيما بينها، ولم تستطع ان تقدم الى الان مبادرة واضحة تأخذ راي الاغلبية، فتلعفر تنتظر صراعا من نوع اخر بعد تحريرها، والشبك ينتظرون مساومات الاحزاب الشيعية مع السنية والكوردية لأقرار مصير غالبية مناطقهم، وهم الاخرين عودتهم الى الموصل مستحيلة في ظل تصاعد وتنامي الشعور العدائي لدى الذين تربوا على التطرف في مركز الموصل، وعدم رغبتهم بعودة الشبك الى مركز الموصل فيها مصالح وعامل المنافسة الاقتصادية، فاستيلاء عناصر موالية لتنظيم داعش على مصالح الشبك داخل الموصل لايمكن ان ينتهي بسهولة واذا ماعاد البعض منهم ليس من السهولة ان يمارسوا اعمالهم بالشكل المناسب او كما كانوا على الاقل قبل 2003 ، شأنهم شأن المسيحيين والايزيدية .
اما مايتعلق الامر بالكاكائية فهو معقد في ثلاث اتجاهات فكورديتهم جعلتهم ضحية وديانتهم جعلتهم ضحية والمستفدين للعب بمكانة وهوية الكاكائية اصبحوا عاملا اخر اقل ما يسفر عنه هو تهرب الكاكائية في التفكير بالعودة الى احضان نينوى .
اذا كان هذا الامر يسرً اهالي نينوى وهو حاصل الان من ان الكثيرين منهم مسرورين بأن لايعود المسيحيين والايزيدية والشبك والكاكائية الى الموصل فان هذا الامر سيكون عائقا كبيرا امام الاستقرار والسلام الى مديات طويلة ولن تكون فرحتهم طويلة بالامر .
= ما هي مسؤولية المجتمعات المحلية في بناء السلام وتعزيز التعايش في نينوى ؟
ان متابعة موضوع مستقبل نينوى على ضوء التصريحات التي تعلنها الجماعات العربية السنية تحديدا او على حدى ، او التجمعات العشائرية او التكتلات المختلفة او المرجعيات الدينية والاجتماعية – مجالس عشائر مثلا، يؤسفنا ان نوصفها هكذا ولكن عند تحليل مجريات النزاعات لابد ان يكون الامر بهذا الشكل يعطينا خيبة امل واضحة بأن التفكير ببناء السلام مع هؤلاء أمر مستحيل – فألى الان لم تقدم مبادرة حسن نية او اعتذار او مشروع للعمل المشترك لأنقاذ ما يمكن أنقاذه – لابل ان الامر اكثر سوءا انها تعلن مواقف و تصريحات من انها خائفة ان تتعرض الى عمليات الانتقام والثأر – فأذا كان الامر صحيحا لماذا لايقدمون ولو أسم مجرم واحد الى لجان التحقيق او المحاكم من الذين لوثت اياديهم بجرائم القتل والاغتصاب حتى لايقعوا ضحية عمليات الثأر والانتقام التي هي بالاساس بعيدة التوقع بسبب الطبيعة المساللمة للضحايا – الايزيدية والمسيحيين مثلا، ان اعلاناتهم هذه وفقا لمتابعتنا ورؤيتنا ليست سوى للتستر على المجرمين و تبرئة مجتمعاتهم من تلك الجرائم. رغم لبعض الاشخاص والجهات مواقف مشرفة وكبيرة ولكن للاسف صوتها غير مسموع ورايها غير ماخوذ.
واذا تعمقنا في هذا الامر اكثر لم نسمع الى الان أية مبادرة من قبل المراجع الدينية في الموصل للاعتذار للمسيحيين و اعلان مبادرات العفو المسامحة ومد يد السلام، وليس ان يطلبوا هم من المسيحية والايزيدية ان يقدموا مبادرات السلام ..
ان هذه العقلية السائدة والتي يتمسكون بها لاتوفر اية ارضية للسلام في القريب العاجل مما يتطلب عملا منظما وممنهجا من قبل التجمعات العشائرية والدينية مع بعض ليتقدموا الى ساحة المصالحة ويقدموا اسماء الجناة و يمدوا اياديهم لفتح صفحة جديدة وتجاوز الماضي من خلال اقرار العدالة ، وألا فالخاسر الاكبر سيكونوا هم لأن مناطقهم ستبقى تعيش في ظل التخلف وتحت وطئة الافكار التي زرعتها التنظيمات الارهابية لسنين عديدة قادمة .
= ماذا لدى المجتمع الدولي من خطط لبناء السلام وتعزيز التعايش في نينوى؟
ان تشتت الجهود الدولية الخاصة بنينوى بعد داعش وعدم وجود خطة معلنة او رؤية واضحة المعالم هي الصفة السائدة ، فهمي من جهة – المؤسسات الدولية بمختلف تنوعاتها – تريد ارضاء الحكومة العراقية بأنها مع وحدة الرؤى، والخطط المشتركة ودعم جهود السلام رغم عدم تلمسها لتعاون ومساندة من قبل مراكز القرار في نينوى لجهودها، فلجنة الاستقرار تقر شيئا من هنا لتعترض مع تحديات من الهيكلية الادارية لمحافظة نينوى بشكل اخر.
تقر لجنة المصالحة شيئا وتعلن لجنة الاستقرار شيئا اخر، وهذه التباينات في موقف بعثة الامم المتحدة بخصوص عملية السلام في نينوى مثلا، تفتقر الى التعامل مع المعطيات بتوازن ، كما انها لم تعلن عن اي مشروع خاص بالموصل – لابل تنتظر حكومة بغداد والجهود العديدة التي بذلت في تنفيذ مباردات سلام و تطوير قدرات على الاغلب استهدفت الاقلية ولم تشارك فيها الاغلبية بنفس الرغبة والطموح كما شارك بها ممثلي الاقليات .
مبادرات نينوى الغد أم مسارات نينوى – او المصالحة المجتمعية التي نفذت من قبل منظمات دولية حققت اهدافا جيدة في فتح الباب امام عملية سلام تمضي بهدوء مع العمليات العسكرية ولكن تعاون ودعم الاغلبية والحكومة في نينوى لم يكن بالمستوى المطلوب.
في نفس الوقت ان عدم وجود خطة للمجتمع الدولي تكون واضحة ومقبولة من قبل الضحايا قبل مراكز القرار، بخصوص مستقبل نينوى لما بعد داعش هي الاخرى عاملا لتأخر تحرك مشاعر الناس من ان المنطقة ستشهد الاستقرار او السلام – سواءا بتنفيذ مشاريع في المناطق المحررة او اعادة تأهيل البنية التحتية بعدالة فيها.
الجانب الاخر المهم في الموضوع هي الرؤية الدولية بشكل عام لمصير نينوى بعد داعش، فمراكز القرار الدويلة اغلبها تتجه الى قضايا لاتروي العطشان كما يقول المثل الدارج، من خلال تأكيدها انها مع وحدة العراق وجميع مكوناته ومع حماية الاقليات وضرورة عودتهم الى مواقعهم دون ان يكون لها – مراكز القرار تلك أية برامج واضحة بهذا الخصوص ، سواءا الاتحاد الاوربي في اعلانه بأن ما حصل للايزيدية والمسيحيين انها ابادة جماعية او الكونكريس الامريكي او اسكتلندا او فرنسا ، فما هي مسؤولياتهم تجاه تحقيق السلام اذا ما اعلنوا ان تلك الجرائم التي ارتكبت بحق مكونات نينوى هي ابادة جماعية ؟ ؟؟؟؟ ومتى ستتحرك لجان الامم المتحدة وجلس الامن للتحقيق وفرض القانون رغم اقرارها بأن ما حصل للايزيدية من انه ابادة جماعية والجرائم التي ارتكبت بحقهم ترتقي الى جرائم حرب،،،، هي الاخرى مجموعة تساؤلات تنتظر اجابات عملية وليست تصريحات تستهلك للاعلام،، فكلما تأخروا كلما فرغت المنطقة من مكوناتها واصبحت العوائق التي تصادف تحقيق السلام اكثر تعقيدا واستقرار المنطقة بشكل عام ونينوى بشكل خاص حلما بعيد المنال.
هذا الامر ووفقا للمسارات التي تمت الاشارة أليه فان مسألة بناء السلام والاستقرار مسالة معقدة وشائكة لوضع نينوى ، بسبب عدم معرفة الاطراف الرئيسية بمجريات بناء السلام في المجتمعات الخارجة من نزاعات معقدة، وايضا الاخذ بنظر الاعتبار القرارات الدولية – مثلا قلما تفكر او يفكر أي طرف او جهة سياسية مثلا في الاخذ بنظر الاعتبار قرار 1325 لتعزيز مكانة المرأة او التفكير ولو التفكير بأخذ رؤية المكونات المختلفة وهي تضع خطط الاستقرار – فبناء السلام عملية شاملة ويجب ان تؤخذ اعتبارات عديدة ضمن خطط التنمية الاجتماعية – الاقتصادية وخطط الامن قبل الخطط السياسية لتقاسم الادوار وفرض الارادات .
= سبق ان تم تقديم ملخص هذه الدراسة في (( ندوة ( المسارات السياسية واسس العدالة لنينوى مابعد التحرير ) التي اقامتها مؤسسة فريدريش ايبرت و المنظمة الايزيدية للتوثيق – اربيل 28 نيسان 2017 ))
*خضر دوملي – عضو مركز دراسات السلام وحل النزاعات بجامعة دهوك – مدرب ومختص في حل النزاعات وبناء السلام والاعلام وشؤون الاقليات – khidher.domle@gmail.com