فهيل جبار جلبي *
إن عدد وطبيعة النزاعات قد تغير بدرجة كبيرة خلال السنوات الأخيرة وخصوصا بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار المعسكر الاشتراكي، ذلك أن معظم النزاعات في وقتنا الحاضر تتم داخل حدود الدولة، بينما كانت اغلب النزاعات فيما مضى تدور رحاها بين الدول، ولم تعد الحروب تجري داخل ساحات القتال بين جيوش من العسكريين المحترفين، وإنما أصبحت تجري داخل المدن والقرى على أيدي الميليشيات والجماعات غير المحترفة نتيجة الأيديولوجيات الدينية والسلالية والعرقية والسياسية والاقتصادية.
لذلك فان اغلب الضحايا في نزاعات اليوم هم من المدنيين، وكذلك فإنها تتسبب في نزوح وهجرة الآلاف من السكان إلى الدول الأخرى نتيجة للعنف الذي يتعرضون له وانتهاك حقوقهم دون مسوغ.
في السنوات الأخيرة ازداد عدد النزاعات الداخلية حول العالم مبتدئا ب (19) في عام 1997، ثم ارتفع إلى (26) في عام 1998 وهي سنة الذروة، وتراجع الرقم بانتظام بين عامي 1999 و 2005 وحافظ على ثباته في عام 2006. وتجدر الإشارة إلى أن النزاعات نفسها التي كانت قائمة في عام 2005 بقيت قائمة في عام 2006، ولم يسجل نزاع بين الدول للسنة الثالثة على التوالي بل انه خلال الفترة بأكملها (1997_2006) وقعت ثلاثة نزاعات بين الدول فقط: اريتريا_ إثيوبيا (1998_2000)، والهند – باكستان (1997_2003)، والعراق – الولايات المتحدة وحلفائها (2003). وقد نشبت النزاعات أل(31) المتبقية المسجلة في هذه الفترة داخل الدول وكانت تتعلق بالسلطة الحكومية (21) منها، وتتعلق بالأرض (10) منها، وفي عام 2006 صنفت ثلاثة نزاعات داخل الدولة بأنها مدولة… أي تشمل قوات من دولة كانت خارج النزاع الأساسي لمساعدة احد الأطراف: النزاع بين الحكومة الأفغانية وطالبان، والنزاع بين الحكومة العراقية والمجموعات المتمردة العديدة، والنزاع بين الحكومة الأمريكية والقاعدة.
إلى أن كل هذه النزاعات كانت مرتبطة ب (الحرب العالمية على الإرهاب) التي تقودها الولايات المتحدة، وفي الحالات الثلاث ساهمت الدولة الخارجية بقوات في الجانب الحكومي من النزاع. إن للنزاعات آثارها الخطيرة على الدولة سواء من الناحية الإنسانية لإمكانية سقوط العديد من الضحايا بين قتلى وجرحى، كذلك من الناحية السياسية تهدد الدولة في كيانها السياسي إذ قد تؤدي إلى انفصال إقليم من أقاليم الدولة وتكوين كيان سياسي مستقل مما قد يدفع أقاليم أخرى إلى التطلع للقيام بمثل هذه النزاعات أملا في الحصول على استقلالها عن الدولة الأم وهو ما حدث أبان انهيار الاتحاد السوفيتي في أعقاب انتهاء الحرب الباردة، ولا تتوقف آثار هذه النزاعات عند هذا الحد بل قد تكون لها آثارها التدميرية للمنشآت الاقتصادية بالإضافة إلى أنها تعمل على هروب الاستثمارات سواء في ذلك المحلية أو الدولية، ونظرا لخطورة هذه الآثار فإننا سنبينها كما يأتي:
أولا – الاثار الانسانية :-
إن الآثار الإنسانية للنزاعات الداخلية خطيرة جدا بسقوط العديد من الضحايا المدنيين الأبرياء بين قتلى وجرحى، وهذا ما اعترف به الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق (دي كويار) عندما أعلن بمناسبة احتفال للمنظمة بعيدها الأربعين أن (2) مليون شخص لقوا حتفهم في نزاعات داخلية مسلحة. وتعد الحروب والنزاعات الداخلية من ابرز الأسباب التي تؤدي إلى انتهاكات الحق في الحياة بشكل كبير لأنها توقع عددا كبيرا من القتلى في صفوف المدنيين الأبرياء كما هو الحال في السودان والصومال والعراق. ففي الحرب الأمريكية على العراق عام 2003 تراوح عدد القتلى مابين (580,625_1,00700) من المدنيين والعسكريين من كلا الجانبين وخصوصا الجانب العراقي.
أما في الحرب الأهلية في السودان والتي استغرقت حرب الجنوب منها (21) عاما وانتهت بسلام هش عام 2005 حصدت التصفيات أكثر من مليون ونصف شخص وتشريد ما يقرب من خمسة ملايين، واتسع نطاق الحرب الأهلية لتظم مناطق جديدة في إقليم دارفور وغيرها.
كذلك الحرب الأهلية في الجزائر التي اندلعت بين القوات الحكومية و الإسلاميين حصدت ما بين (100_200) ألف قتيل، وكانت الحرب الأهلية في سيراليون قد حصدت أكثر من نصف مليون شخص للفترة ما بين أعوام 1991 إلى 2002. بالنسبة للغزو الأمريكي للعراق أو حرب الخليج الثالثة (حرب العراق أو احتلال العراق أو حرب تحرير العراق أو عملية حرية العراق)…هذه بعض من أسماء كثيرة أستعملت لوصف العمليات العسكرية التي وقعت في العراق سنة 2003 والتي أدت إلى احتلال العراق عسكريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومساعدة دول مثل بريطانيا واستراليا وبعض الدول المتحالفة مع أمريكا حسب تعريف مجلس الأمن لحالة العراق في قانونها المرقم 1483 في 2003. ومن الأسماء الأخرى التي أطلقت على هذا الصراع هي “حرب العراق” وحرب الخليج الثالثة و”عملية تحرير العراق” وأطلق المناهضون لهذا الحرب تسمية “حرب بوش” على هذا الصراع أو حرب احتلال العراق. وهذه أرقام حسب إحصاءات 08 نيسان أبريل 2007 تبين الخسائر البشرية: القتلى من المدنيين العراقيين الذين ثبت وفاتهم بوثائق شهادة الوفاة : 90,149 2008 القتلى من المدنيين العراقين بدون وثائق شهادة الوفاة: 47،016الى 52،142(95% نسبة الدقة) القتلى من القوات الأمريكية: 4000 الجرحى من القوات الأمريكية: 24314 القتلى من القوات الأخرى: المملكة المتحدة (140)، إيطاليا (33)، اوكرانيا (18)، بولندا (17)، بلغاريا (13)، اسبانيا (11)، دانمارك (6)، أستراليا (2) اشارت دراسة مسحية اجرتها مجلة لانسيت الطبية البريطانية إلى أن 655000 عراقي قتلوا منذ بداية الغزو الأمريكي في 19 اذار مارس 2003 وحتى 11 تشرين ثاني أكتوبر 2006 قالت الأمم المتحدة ان نحو 34000 عراقي قتلوا خلال عام 2006 فقط حسب إحصاءات قوات التحالف فإن الخسائر البشرية في صفوفها كانت كالتالي: الولايات المتحدة – قُتل 294 جنديا (114 منهم بنيران العدو، 145 في حوادث، و 35 بنيران صديقة) وجُرح 467. المملكة المتحدة – 47 (38 بنيران العدو، و 9 بنيران صديقة). السعودية – 18. مصر – 11. الإمارات العربية المتحدة – 6. سوريا – 2. فرنسا – 2. الكويت – 1. كما تعرضت 75 طائرة للتدمير، منها 27 طائرة تعطلت لأسباب غير حربية. وتكبدت الولايات المتحدة معظم الخسائر في الطائرات بمجموع 63 طائرة و 23 مروحية. وتعد الحرب الاهلية في كولومبيا من أكثر الحروب الأهلية عنفا فقد استمرت أكثر من أربعة عقود وحصدت الملايين من القتلى، أما الحرب اللبنانية التي وقعت منذ ديسمبر 1975 والتي استغرقت 15 عاما كانت من نتائجها مقتل أكثر من (200) ألف شخص مورست خلالها عمليات القتل على الهوية الطائفية في مراحلها الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك فان الدول التي تشهد نزاعات داخلية تبرز فيها مشاكل اللاجئين والنازحين داخليا ودوليا وهذا ما هو عليه الحال في معظم الدول الأفريقية حيث بلغ عدد اللاجئين في هذه القارة أكثر من (4,3) مليون لاجئ في عام 1997، في حين بلغ عدد العائدين فيها (1,7) مليون، وقد شهدت أفريقيا خلال التسعينات من القرن السابق امتداد النطاق الجغرافي لحالة اللجوء فيها وذلك من حقيقة ارتباط ظاهرة اللجوء بالنزاعات الداخلية في الدول الأفريقية، ومن أمثلة ذلك انجولا وبوروندي وتشاد والكونغو وجيبوتي واريتريا وإثيوبيا وغانا وليبيريا ومالي وموزنبيق والنيجر ونيجيريا ورواندا والسنغال وسيراليون والصومال والسودان وتوجو وأوغندا، ليصبح عدد اللاجئين عند بداية عام 2000 في بلدان شرق أفريقيا والقرن الأفريقي حوالي (1,6) مليون لاجئ، و(475) ألف لاجئ في بلدان وسط أفريقيا، و(575) ألف لاجئ في بلدان شمالي أفريقيا، و(238) ألف لاجئ في بلدان جنوبي أفريقيا، و(834) ألف لاجئ في بلدان غربي أفريقيا، أي أن مجموع عدد اللاجئين في أفريقيا بلغ حينذاك حوالي (3,52) مليون لاجئ. ومن ابرز الأمثلة على النزوح واللجوء إلى الدول الأخرى ما تعرض له التوتسي في رواندا من قبل الهوتو حيث أدت الحرب الأهلية إلى لجوء أعداد ضخمة من السكان في عام 1994 قدر عددهم بين 2 و3 ملايين شخص وهو رقم يعادل ربع سكان رواندا.
وقد أشارت تقارير مركز مراقبة النزوح الداخلي التابع للمجلس النرويجي لللاجئين في نهاية عام 2008 إلى أن عدد النازحين بلغ (11,6) مليون نسمة في أفريقيا، و(4,5) مليون في الأمريكيتين، و(3,9) مليون في الشرق الأوسط، و(3,5) مليون في جنوب آسيا وجنوب شرقي آسيا، و(2,5) مليون في أوروبا واسيا الوسطى. وقد توالت عدد من حالات النزوح في لبنان منذ الحرب الأهلية التي وقعت بين الأعوام من 1975 و1990 والغزوات والاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان طوال 18 عاما، وقد أدى النزاع المسلح العنيف الذي وقع في منتصف عام 2008 في مدينة طرابلس إلى نزوح آلاف الأسر بشكل مؤقت، فقد أدى العنف الطائفي بين الطائفتين السنية والشيعية إلى نزوح العديد من الأسر السنية في المدينة، في حين هربت أغلبية الأسر الشيعية النازحة تقريبا إلى مناطق أخرى من البلاد، وفي نفس الفترة قتل مئات الآلاف من الأشخاص أو أصيبوا بجروح أو عوقوا، كما اخرج أكثر من (800000) شخص من منازلهم.
كما انه في النزاعات قد يترتب عليها عمليات واسعة للتنكيل بالأفراد التابعين لهذا الطرف أو ذاك، إذ يتعرض الضحايا لعمليات التعذيب والاعتداء الجنسي وعمليات هتك العرض، كذلك تؤثر على الأسرة ويتعرض الأطفال لسوء التغذية، حيث بلغ معدل سوء التغذية نتيجة للتشرد (20%) بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن (5) سنوات لدى اللاجئين وخاصة بين الأطفال الروانديين في زائير عام 1994، ووصلت إلى (50%) في الصومال سنة 1992.
ثانيا :- الاثار السياسية
إن النزاعات لها آثارها السياسية على الدول المصابة بها، حيث تعد مشكلة انهيار الدولة من أولى النتائج والآثار المترتبة على النزاعات الداخلية والحروب الأهلية، ويقصد بانهيار الدولة تقويض مؤسسات الدولة وانهيار أجهزتها بما لا يسمح لها بأداء وظائفها المختلفة، ويتخذ هذا الانهيار كنتيجة للنزاعات نمطين أساسين: النمط الأول: هو الانهيار الشامل للدولة ويقصد به انهيار السلطة المركزية للدولة، ويحدث عندما تؤدي الإطاحة بالنظام إلى حدوث حالة من الفوضى الشاملة بما لا يسمح لأي من الجماعات المتنازعة بالسيطرة على الحكم بصورة كاملة، أما النمط الثاني: فهو الانهيار الجزئي ويقصد به ضعف سلطة الحكومة وترهل جهازها البيروقراطي الذي ينجم عنه عجز الدولة عن فرض سيطرتها على جميع أقاليم الدولة، وقد تؤدي النزاعات إلى مطالبة بعض الجماعات بالانفصال عن الدولة الأم ومحاولة إنشاء كيان سياسي آخر مستقل، كما حدث في الصراع الليبيري ومسلسل العنف فيها حتى أن البعض قالوا في وصف هذه الحرب بان الناس فيها تحارب من اجل الحرب، لان الفصائل المتصارعة لا تحارب تحت مظلة أيديولوجية ولا في ظل برنامج سياسي معين، ولكن الكل يحارب الكل من اجل مصالحه، حتى أن (تشارلز تيلور) زعيم إحدى الفصائل المتناحرة في ليبيريا اتخذ إحدى المدن عاصمة له وصك عملة خاصة به، وعمل على إعطاء امتيازات من جانبه للشركات الأجنبية مقابل دعم مالي، كما أن هذه الصراعات قد تستمر في بعض الحالات بشكل يصعب معه التنبؤ بإمكانية انتهائها، كما حدث في الصومال وانهيار الحكومة المركزية وذلك لان الحكم في هذه الدول يقوم على أساس الانقلابات والانقلابات المضادة، ومن الملاحظ أن هذه الانقلابات يقوم بها قادة من القوات العسكرية، وقد ترتب على ذلك خلق حالة من القلق والصراع بين المؤسسة العسكرية والمؤسسات المدنية الأخرى في الدولة، كما حدث في غواتيمالا عندما تعاقب فيها خلال ثلاثين عاما ثمانية من العسكريين. ويترتب على الانقلابات العسكرية حقائق سياسية وقانونية متناقضة حيث أن الأشخاص الذين كانوا في صراع مع السلطة الحاكمة أصبحوا مسؤولين في السلطة، وفي ظل هذه الأجواء السياسية المضطربة وكذا العمليات المسلحة بين الأطراف المتنازعة داخل الدولة قد يؤدي ذلك إلى انهيار أجهزة الدولة الأمنية جزئيا أو كليا، بحيث يصبح المواطن هو المعني بحماية نفسه نظرا لفقدان الدولة لأهم اختصاصاتها تجاه مواطنيها وهو تحقيق الأمن لهم، لذا تظهر عمليات التصفية الجسدية والتخريب للمنشآت الاقتصادية وعمليات السرقة والنهب كما حدث في غواتيمالا سنة 1980 حيث توالت أعمال العنف والقتل ضد السياسيين والصحفيين والدبلوماسيين.
ثالثا :- الآثار الاقتصادية والاجتماعية
إن النزاعات الداخلية لها آثارها الخطيرة من الناحية الاقتصادية حيث تؤدي إلى إعاقة حركة التنمية بسبب هروب الاستثمارات الداخلية ومنع تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الدولة محل النزاع نظرا لإمكانية تدمير المنشآت الاقتصادية وتدمير البنية الأساسية اللازمة لتطوير العمليات الاقتصادية داخل الدولة، بالإضافة إلى خلق أعباء جديدة تتمثل في عمليات الإغاثة اللازمة لضحايا هذه النزاعات، كما حدث في الدومينيكان عام1961. وتدمر المنشات الاقتصادية وتستنزف موارد الدولة في صورة إنفاق عسكري بدلا من تخصيصه لبناء المؤسسات التعليمية المنهارة، حيث بلغ متوسط الإنفاق العسكري في دول أفريقيا عام 1994 حوالي (3%) من الناتج القومي الإجمالي، إلا أن الدول التي تورطت في نزاعات مسلحة داخلية كانت نسبة الإنفاق العسكري فيها (14,2) في انغولا و(14%) في تشاد و(93%) في إثيوبيا، ومن الملاحظ أن هذه الدول جميعا دول فقيرة وتعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية جمة، ومن شان زيادة الإنفاق العسكري زيادة الديون وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فيها، حيث بلغت ديون الجزائر على سبيل المثال (25) مليار دولار مع تزايد النزاع المسلح فيها بين الحكومة والجبهة الإسلامية المناوئة لها حيث مثلت هذه الديون (80%) من عائدات الصادرات الجزائرية. كذلك فان من بين الآثار الاجتماعية للنزاعات ما يصاب الأسرة من عمليات التهجير وتدمير للبنى التحتية وما تتركه من آثار على الظروف المعيشية وخاصة آثارها على دخل الأسرة والبطالة. وما تتركه هذه النزاعات على الظروف الصحية والتعليمية للأسرة وما يطرأ على الأسرة من تغيير في الأدوار وخاصة دور المرأة اذ تصبح هي المعيلة نتيجة مقتل الاب في الحرب، وكذلك ما تعانيه الأسرة من آثار وخاصة تراجع مستوى الدخل وتقطع سبل المعيشة وارتفاع معدلات البطالة وتراجع المستويات الصحية والتعليمية للأسرة وآثارها على المجتمع بشكل عام من خلال مؤشرات التنمية البشرية وغيرها من المقاييس. ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في جنوب السودان من حالات الاختفاء ألقسري أو غير الطوعي للسكان، وكذلك استخدام الأطفال جنودا ومقاتلين إضافة إلى التشريد ألقسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب وإساءة المعاملة للمدنيين. كذلك ما أدى إليه النزاع في دارفور من تدمير كامل للبنية الاجتماعية هناك، واسهم في خلق العداء والكراهية بين القبائل بصورة غير مسبوقة في تاريخ دارفور، وافرز نزوحا إلى المدن ولجوءا إلى دول الجوار ساهمت في خلخلة النسيج والقيم الاجتماعية، كذلك أدت الحرب إلى خلق مواطنين غير منتجين يعتمدون على الاغاثات، وقد أدت النزاعات إلى حرق القرى وهجر مناطق الإنتاج هذه من قبل سكانها مما أوقف عجلة الإنتاج في دارفور تماما وخاصة الإنتاج الزراعي، ومن ناحية أخرى تم تدمير الثروة الحيوانية ونهب آلاف الرؤوس منها وتهريبها إلى دول الجوار والخرطوم. ونرى ان آثار النزاعات تمتد إلى الجانب النفسي كذلك وما تتركه من طبع وسلوك غير سليم لأبناء المجتمع في تعاملهم مع البعض ومع الآخرين، وحتى بعد انتهاء النزاع فان الكثير من الأحقاد تبقى وان الكثير منهم غير مستعد لكي يعمل من اجل خدمة وبناء المجتمع من جديد. اضافة الى الآثار الاقليمية للنزاعات حيث ان حركة التجارة الدولية والاستثمارات بين دولة النزاع والدول المجاورة لها تتاثر بالنزاع، وكذلك حركة اللاجئين عبر الحدود تعمل على تحميل دول الجوار باعباء اقتصادية اضافية لتوفير الحاجات الضرورية لهؤلاء اللاجئين، وامكانية تسرب بعض الفئات المعادية للدولة المستقبلة للاجئين مما يؤثر على حفظ النظام وحدوث اعمال فوضى في الدولة المجاورة.
———————————————-
*مدرس مساعد في سكول القانون/ جامعة دهوك