خضر دوملي *
قال الباحث لازاكين باراني وهو تدريسي في جامعة دهوك و مدير مركز التطوير والتدريب ان تطوير مناهج التربية الدينية سيساعد على تعزيز مكانة الاقليات و ثقافة قبول الاخر لدى شرائح كبيرة من المجتمع بما يعزز نشر ثقافة قبول الاخر و التعددية الدينية بالشكل الصحيح وهذا ما تم استنتاجه في بحث علمي نشر له في مجلة دولية مؤخرا .
وقال لازكين باراني ان قدم بحثا في مؤتمر دولي نال شهادة تقديرية على اثر نشر مجلة ( International Journal of Arts & Sciences ) بحثه المعنون (تعليم التربية الدينية في المدارس الحكومية العراقية ومكانة الاقليات – مرجعة نقدية ) قال عنه بأنه تضمن مجموعة محاور مهمة عن توظيف مادة التربية الدينية لتشجيع قبول التعددية الدينية وهو ما يتطلب ان يتم صياغة مناهج تربوية تحتوي المفاهيم الانسانية التي تتضمنها جميع الاديان وليس الاقتصار على ديانة واحدة فقط.
وقال لازكين ان البحث قدم في مؤتمر دولي عقد بالعاصمة النمساوية فيينا ويتضمن مجموعة مهمة من الحقائق والافكار التي جاءت على اثر متابعة لواقع وتأثير المناهج الدينية في مساهمتها في قضايا قبول الاخر وتعزيز مكانة الاقليات في البلاد .
واضاف لازكين “اكتشفت ان للتربية الدينية اهمية كبيرة ومن الضروري ان لايكون التركيز على ديانة واحدة بل مفاهيم وقيم الاديان مع بعض حتى تصبح جسورا للتواصل بين المكونات المختلفة، وهذا امر مهم بالنسبة لبلد مثل العراق الذي يزخر بالعديد من المكونات الدينية من ( مسلمين، مسيحية، ايزيدية، صائبة، بهائية، كاكائية ).
البحث بحسب باراني استند الى تحليل مناهج التربية الدينية في المدارس العراقية وتبين بأنها لم تتضمن مفاهيم وافكار لأديان غير المسلمين ولذلك تضمنت مراجعة نقدية علمية عن دور تلك المناهج وتأثيرها على بناء المجتمع .
وأكد لازكين بأنه شدد في البحث على “ضرورة تفعيل الخطاب الديني من خلال التركيز على المفاهيم الانسانية التي تشترك بها الاديان وليس التركيز على ديانة واحدة بل القيم الانسانية في جميعها حتى يتم نشر مفاهيم قبول التعددية والتنوع الديني وفق المسار الصحيح ”
واضاف لازكين “لابد لمناهج التريية الدينية في المدارس العراقية ان تتضمن مبادىء وقيم وافكار ومحاور تساعد على تشجيع الحوار وتقبل الاخر والاعتدال والاعتراف بالاديان وفيها مفاهيم تساعد على تعزيز معتقدات جميع المكونات الدينية “.
الدراسة بحسب ما اشار اليه باراني “اوصت بحاجة ملحة لاصلاح النظام التربوي العراقي بشكل عام واصلاح مناهج التربية الدينية بشكل خاص بما يساعدها ان تحقق الاهداف المرجوة منها في تربية جيل نشىء يتفهم حقوق الاقليات الدينية ووجودها”.
وقال لازكين ان “اهداف التربية الدينية هي تهيئة الطلبة ليكونوا مواطنون صالحين ويؤمنون بالحب والسلام ويقبلون وجود اصحاب المعتقدات المختلفة منذ الصغر ”
لذلك يقول لازكين باراني “على كافة المواطنين العراقيين ان يشعروا ان التعليم بكافة انواعه يقدم لهم رؤية علمية وواقعية لواقع العلاقة بين المكونات بعيدا عن الدين والطائفة والمكانة الاجتماعية “.
تعزيز التعددية الدينية وقبول الاخر وضمانة حقوق الاقليات لن تتحقق بالشكل الجيد دون فصل الدين عن السياسية بحسب ما يقول باراني ،،، مضيفا عندما تتعلق المسألة بالمؤسسات التربوية ومن ضمنها الجامعات يجب ان تعمل على تجنب تدخل الساسة و السياسيين في صياغة منهاجها وهذا الامر يكون اكثر تطبيقا عند فصل الدين عن السياسة ، اذ حينذاك تكون المناهج اكثر مدنية وتتضمن مفاهيم تتعلق بروح العصر .
المهم في الامر هو كيفية تعزيز مكانة الاقليات ولذلك يقول باراني “بخصوص هذا الامر، لمناهج التربية الدينية دور فاعل في الامر فأن كانت مستقلة في توجهها وبعيدة عن الانتماءات الدينية الضيقة او السياسية الواحدة فأنها ستحقق الامر بالتأكيد ويكون لها دور فاعل في تعزيز مكانة الاقليات وخاصة بالنسبة للعراق في الوقت الراهن”
هذه المناهج يقول باراني بأنها “يجب ان تكون لكافة الاديان والطوائف مبنية على اساس روح التسامح و تشجع بكل الوسائل قبول الاخر المختلف دينيا ولا تشجع اي نشاط او فكر ديني يؤسس لتهديد النسيج الاجتماعي والاستقرار وتعزيز السلام الاجتماعي”
ومن اجل ذلك يطالب باراني وهو باحث مختص في مجال اللغة الانكليزية باهمية “اعادة كتابة وتنقيح كتب التربية الدينية في المدارس العراقية بمجملها على ان تضم ما تشجع على حرية الاديان والحوار و التسامح في ان تساعد على اقامة و تنشيط الحوار الروحي و تعزيز اهمية الدين بعيدا عن التوجهات الضيقة، بل تعزيز مكانة كل الاديان حتى تكون عاملا مساعدا لمكانة الاقليات في البلاد”.