خضر دوملي //// في قاعة بفندق روتانا أربيل صادفت عقد مؤتمر من قبل منظمة ( OTT – open think tank ) وبدعم من ( KAS – Konrad Adenauer Stiftung ) الالماني 30 اغسطس 2017– استمعت الى الكثير من النقاشات التي تتحدث عن مستقبل المكونات في اقليم كوردستان ووفقا لعنوان المؤتمر الذي كان ( العمل به، تنفيذه: التحديات التي تقف في طريق ضمانة الحقوق القانونية والمدنية للاقليات الدينية والقومية في اقليم كوردستان – العراق)، تراوحت الطروحات بين الرؤى التفاؤلية والتشاؤمية واخرى تؤكد أن ضمانة حقوق الاقليات الدينية والاثنية عامل استقرار وضمانة الحرية الدينية للاقليات ضمانة للاستقرار وتنمية التعددية والتنوع .
واذا كانت غالبية الكلمات التي استمعت اليها على الاقل، لم تخرج من اطارها التقليدي الذي يقدم الكثير من المشاكل والقليل من المقترحات للحل، فأن الرؤية التي استنتجتها وسبق ان تناولتها في اكثر من مقال نشر سابقا حول حقوق المكونات في اقليم كوردستان – العراق، تشير الى ان المشكلة في اقليم كوردستان ليست بعدم الاقرار بحقوق الاقليات – المكونات، بل المشكلة تتمثل في انه منذ 24عاما والى الان لم توجد لدى حكومة الاقليم رؤية عملية وواقعية وتصور واضح في كيفية تنمية ثقافة التعددية وضمانة والدفاع عن حقوق مكونات الاقليم، اذ هناك الكثير من الالتزمات لم تنفذها الحكومة حتى اغلب تلك التي وردت ضمن القانون رقم 5 الخاص بحماية حقوق المكونات في اقليم كوردستان لسنة 2015 . القانون الذي يعتبر انجازا مهما ولكن لاتوجد عليه الكثير من الاضواء لانه لايتم العمل به كما يجب.
التصورات التي طرحت في المؤتمر لم تكن تختلف كثيرا عن مؤتمرات اخرى ولكن قدمت افكار مهمة لضمانة مستقبل الاقليات في اقليم كوردستان وفي الدولة والدستور المستقبلي وايضا، مطالب ملحة بضرورة اجراء بعض الاصلاحات حتى تتم تنمية ثقافة التعددية والتنوع مع التطورات الحاصلة في الاقليم ولكي لايشعروا – المكونات – ليس في كل الاحيان ولا في كل المواقف من أنهم مواطنون من الدرجة الثانية .
واذا كانت غالبية الكلمات قد قدمت شفاهية وبسرعة وتداخل وخروج من مسارات ومحاور المؤتمر بسبب حجم التحديات ، توقفت على جملة مطالب قدمها السيد مريوان نقشبندي مدير العلاقات في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية كخارطة طريق مهمة لضمانة حرية وحقوق الاقليات الدينية في الاقليم وفقا لما يلي :
اولا – ضرورة اخراج وزارة الاوقاف من المحاصصة الحزبية في الاقليم، فليس من المعقول ان نتحدث عن حرية الاديان ووزير يرفض ان يوقع امرا لتخصيص ميزانية لترميم كنيسة او مزار ايزيدي، لابد ان يكون لدينا وزير يؤمن بحقوق الاديان الاخرى ويقر بها ويدعمها كما يدعم ضمانة حرية الديانة الاسلامية .
ايضا من المهم ان يكون دائما هناك وكيل وزير او اكثر من غير المسلمين بأعتبارهم يقومون بالاوامر التنفيذية ومتابعة شؤون الاديان جميعا بنفس المستوى.
ثانيا – محور مجلس القضاء، اذ من الضروري ان يتم تنمية الشعور والمسؤولية لدى القضاة والمدعي العام للتحرك ضد الذين يستهينون ويستخفون ويهاجمون الاديان وان تتخذ المحاكم اجراءات صارمة بحق كل الذين يتجاوزن على حرمة الاديان .
ثالثا – التأكيد وجعل الالتزام وحماية مبادىء التعايش مسألة الزامية وأن تتخذ اجراءات بحق المتجاوزين عليها وان يتم تعزيز هذا الامر من خلال ممارسات تطبيقية لمختلف المراتب – مدير عام – برلماني – قائد سياسي في ان لايقروا اية قرارات او قوانين تلحق الضرر بحقوق المكونات الدينية.
رابعا – التكثيف من دورات التوعية ووفق برامج منظمة لكل القادة الميدانيين – البيشمركة – قوى الامن الداخلي ضباط الاسايش في السجون والمؤسسات المختلفة حول اليات التعامل مع الانتماءات الدينية المختلفة وضمانة حقوقهم وكرامتهم وخصوصياتهم وعدم اعتبارها عند العمل من اجل حقوق المكونات تجاوزا على الديانة الاسلامية، ان يتعلموا ويمارسوا هذه الامرو لكي تصبح جزءا من الممارسة الحياتية اليومية.
خامسا – تقديم الحكومة للدعم المادي لتنفيذ المشاريع التشاركية، فاذا تم تنفيذ مشاريع تشاركية بين الشباب من مختلف الجنسين من المنتمين للاديان المختلفة – مسلمين ومسيحيين – ايزيدية ومسلمين – مسيحيين وايزيدية – شبك وبهائية – صابئة ومسلمين – مسلمين و زرادشتية – يهود ومسلمين وهكذا سيعزز هذا الامر، التواصل والتفاهم وقبول التنوع الديني .
سادسا – تغيير قانون الاحوال الشخصية بما يتلائم والتعددية الدينية في اقليم كوردستان – فليس من العدل ان يتزوج بهائي وفق الشريعة الاسلامية او عدم امكان الزرادشتي لتغيير ديانته او نفوسه، لكن بأمكان اي كان ان يعتنق الاسلام ان يغيروا سجل احواله الشخصية في اربع وعشرين ساعة بينما الاخرين يحلمون بهذا الامر لابل ان يتم وضع اسم الديانة الاسلامية للذين هم غير مسلمين هي عدم عدالة وأمر واقعي.
هذه تقريبا كان نصا ما أدلى به السيد مريوان نقشبندي الذي عمل ومازال مستمرا بالعمل في الوزارة مع اربع كابينات حكومية في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في اقليم كوردستان، وهذا يوضح لنا رؤية مهمة ان المساحة الايجابية لتعزيز وضمانة حرية الاديان موجودة في اقليم كوردستان لكن بحاجة الى جرأة وجدية في اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، اذ ليس كافيا ان يكون لكل الاديان الموجودة في اقليم كوردستان ( المسلمين – الايزيدية – المسيحية – الصابئة – البهائية – الزرادشتية – الكاكائية – اليهود ) ممثلين ومدراء عامين في وزارة الاوقاف بل يجب ان يتعدى الامر الى اتخاذ الاجراءات التي تجعل من مسألة قبول والاقرار بخصوصية الاديان امرا واقعا وملموسا، وشعورا لدى الاغلبية قبل الاقلية. فالشعور والامتعاض الذي يبديه الكاكائية مثلا تجاه السلطة في اقليم كوردستان وصل الى حد لايمكن السكوت عنه، اذ كيف يمكن ان تدعى او تطلب وزارة الاوقاف او السلطات الحكومية انه من المهم للكاكائية ان يقرروا هويتهم الدينية في وقت ان الحكومة ومعظم الاجهزة والمؤسسات الحكومية اكثر تعاونا وتقبلا للكاكائية الذين يقولون انهم مسلمين، وبسبب محاباة السلطة لهؤلاء الكاكائية الذين يقدمون انفسهم بأنهم ديانة قائمة بذاتها لايلقون ذلك الاهتمام والدعم، اذا كانوا مسلمين ما حاجة اقراراهم بأنهم مكون مختلف فلتترك الحكومة هذه الازدواجية وتقول للكاكائية الذين يقولون بأنهم مسلمين عليها ان تقول لهم بصراحة عذرا هناك كاكائية – يارسان ليسوا مسلمين ولهم الحق وفقا للقانون رقم 5 ان يتولوا شؤون اتباعهم الدينية ، أما انتم فحالكم حال المسلمين ولايجب ان تتدخلوا في كيفية ادارة شؤون الـ يارسان – الكاكائية.
وضع حدا لبعض الممارسات التنفيذية الخاصة بحقوق المكونات تعطي دفعة سريعة لضمانة الحرية الدينية ما يعني ضمانة الاستقرار وتنمية ثقافة التعددية الدينية التي اصبح اقليم كوردستان معروفا به او جزءا من الهوية المستبقلية للدورة الكوردية القادمة، ويجب ان تتجرأ المؤسسات الحكومية في اقليم كوردستان لوضع الاسس السلمية لهذا الامر مع توفر المناخ الايجابي الذي على ضوءه يجب ان تتم خطوات تعزيز حقوق الاقليات الدينية والاثنية والقومية، بدأ من المناهج التربوية، وليس انتهاءا بتخصيص ميزانية لترميم المزارات والمعابد الدينية لغير المسلمين وحمايتها من التجاوز عليها، وتركيزا على مشاركة ووجود فعلي للمكونات في صناعة القرار ودفعهم للواجهة باعتبار ان المستقبل في بناء دولة مدنية او تعزيز الاستقرار يأتي من ضمانة حقوق المكونات والحفاظ على تراثهم وهويتهم باعتبارهم البعد الاستراتيجي للمدنية في اقليم كوردستان عدديا وجغرافيا وثقافيا، وهم صمام الامان لمواجهة انتشار التطرف الديني والارهاب، بأعتبارهم لم يكونوا يوما جزءا من المجاميع الارهابية التي تحتمي بغطاء ديني .
هذه العوامل جميعها وغيرها الكثير تبين لنا ان ضمانة الحرية الدينية تأتي بأقرار الاغلبية وهم – المسلمين – بأن للاقليات الدينية والاثنية حق الحياة والعيش كما يريدون شانهم شأن الاغلبية لكي تصبح هذه قاعدة لبناء وتعزيز المساواة وعاملا لتنمية الاستقرار المجتمعي .